لا أعتقد أن أياً منا لم يتعرض لموعد غرامي جلس يعد الثواني قبل الدقائق له وقلبه يدق كزنبرك الساعه الأوميجا.
هكذا قضي شعب مصر ليلته الماضيه في انتظار حوار الرئيس مع عمرو الليثي، ومن شدة الإثارة بدأ المعارضون في الشتيمه والتأليس حتي قبل أن يبدأ اللقاء وانطلق المؤيدون يفرشون خيالاتنا وروداً ورياحين حول توقعاتهم للقاء المرتقب.
بالنسبة لانطباعي عن الحوار:
أولاً لدي احساس وقد يكون احساس خاطيء ربما أن الخطاب تم تأخيره عمداً لأنه في مجمله يختلف عن كل مره تكلم فيها مرسي ويحمل الطابع الجماهيري الباعث علي التهدئة والطمأنه وهي عكس سياسة ال CBC القائمة علي سياسة التوليع والسته شعله مع الفرن. أو ببساطه للاستفاده من الإعلانات خاصة بعدما رأيت أشد وألد من يكرهون مرسي يحدثون حالتهم كل عشر دقائق تقريباً ووجدت معظم الفيسبوكيين سهرانين حياري الليل مع انهم بيكرهوه ويعلمون علي حسب قولهم ان كلامه لا هايودي ولا هايجيب.
مرسي يتطور:
تيقنت من أخبار خضوع الرئيس مرسي لدورات مكثفة في التحدث والحوار فهو هذه المرة مختلف تماماً بداية من اختيار لون الكرافته الرسمي بعيداً عن موف غادة ابراهيم وتغييره للساعة ذات المينا السوداء بالساعة الجديدة اللونجين ذات المينا البيضاء تمشياً مع القميص الأبيض، وهكذا علمت أن مرسي وضع قدميه علي أول طريق بروتوكولات المقابلات الرسمية، لا تستهينوا بهذه الأشياء فهي ذات دلاله لكل من يعلم بأصولها.
أنا أعشق الإفيهات وأجيد التقليد ورأيي أن في هذا الحوار التزم مرسي بدرجة كبيره بالحرفية وابتعد عن النبرة العاطفية وقلل من " التاتش" بتاعه الذي اعتاد عليه وعودنا عليه في حواراته السابقه، وتستطيع التأكد من كلامي عندما تبحث علي الفيس فلا تجد هذا الكم الرهيب من القفشات المقتطفه من تصريحاته وحواره ككل مره، كل ما ستجده هو عباره عن هجوم استظرافي من وجهة نظر صاحبها عن مجمل الخطاب علي غرار " مرسي بيقول لكم ( عبوكو كلكوا) " لكن زلاته وسقطات كلامه قلت جداً بشكل ملفت، وسيبذل فريق اعداد باسم يوسف جهداً خارقاً لايجاد مقتطفات يتنقوز باسم عليها وتعمل سوكسيه جامد كما كان يحدث من قبل، هذه المرة مرسي يتحدث كرئيس محترف.
نتكلم جد بقي:ايجابيات الحوار:أولاً تحية لعمرو الليثي علي أسئلته المباشرة والموضوعية وأسجل هنا عن الإعلام الذي نذم فيه ليل نهار هو في النهاية صادر عن مجموعة ممن يملكون بلا شك الحرفة وأصول الصنعه، حتي وان كانت أقل من نظيرتها في القنوات ذات الانتشار الاقليمي كالجزيره والعربية والبي بي سي، الا انها تزال وبلا شك أفضل من آداء قنوات التليفيزيون المصري المتخلف بمعني الكلمه، فقط قارن بين الحوار الذي أذيع من قبل علي الفضائية المصرية والذي استفز محمود شعبان مطالباً براجل ليجري الحوار ومع هذا حتي الراجل كان آداؤه ساذجاً وسطحياً ويصيب الكروموسوم 23 في مقتل فيحول المشاهد الي كتله من البلاهه.
لأول مره لا ينكر مرسي انتماؤه لحزب الحرية والعدالة وقال "إنهم جزء من تركيبي النفسي ولكني الان رئيس لكل المصريين" وهذه إجابه متوازنه بدلاً من أن يقر بالجزء الثاني منها فقط، الصراحه حلوه مافيش كلام.
-أقر أنه رئيس كل المصريين ويتحمل مسئولية القرارات وهذه يأخذنا إلي سؤال عن ىليات المحاسبه أيضاً كيف ومتي تكون؟
- أقر أنه يسعى لدولة القانون وينتقل لإرساء قواعد القانون، وهذه رساله مطمئنه خاصة أن الأحداث الجارية قد تدفع أي رئيس لفرض القوانين الإستثنائية وتكريس سلطة الفرد.
- أعطي ايضاح لأول مره أن الهيئة العامة لرئيس الجمهورية ليس فقط المعينة ولكنها اوسع من ذلك بكثير وهي منفصله عن الحكومه
- ركزت معاه عندما ذكر أن تحسين التشكيل وزيادة عدد المعاونين للهيئة العامة لرئيس الجمهورية هو الهدف وليس اعادة تشكيلها، حتي يرتاح قلب كل عبده مشتاق.
- كان محدداً في حديثه عن نقطه مقلقه لكل من يترقب آليات الانتخابات القادمه علي سبيل المثال ذكر أنه تشاور مع اكثر من 150 متخصص في مجالات القانون والسياسة واتصل بـ 30 من رجال السياسة قبل اصدار قانون الانتخابات، انه بذلك يرد علي اتهامات " سلق" قانون الانتخابات في مجلس الشوري
في رده علي سؤال محرج لعمرو أن الشعب ينادي بأن " يرحل" قال أن هناك فرق بين التّعبيرعن الرّأي وعن إرادة الشّعب المصريّ وهناك فارق بين كلمة "أرحل" كــ رأى و"أرحل" كــ إرادة شعب والمسافة بينهما كبيرة جدا وهذا يتماشي مع مبدأ التكريس لدولة القانون الذي تحدث عنه آنفاً وأنا متفق معه وإلا لن يمكث يعيش لنا رئيس أبداً أكثر من بضعة شهور أو حتي أسابيع، الا بقي لو سميناه " شحات" أو شحتنا بيه علي باب السيده علشان يعيش.
لم أكن أتصور أن يجلس رئيس مصري ليقول "عندما اخطئ ويتبين لي خطأي ارجع عن هذا الخطأ فورا لان الانسان يخطئ ويصيب واحب الي ان ارجع في خطأي بدلا من الاستمرار فيه" وقد أثبت مرسي عملياً ذلك، والحقيقة أن الرجل أعطاه الله فرصة ذهبية ليعمل تحت وابل من القصف الذي لا يهدأ فلو نجا منه مرسي، سيكتسب خبرات مهوله ومعرفة ليست بالهينة، لعل الله له حكمة فيما يحدث لا ندركها. مرسي يتعلم من أخطاؤه ويتراجع اذا أخطأ وهذه حقيقه. المشكله بس ان الأخطاء فعلاً كثيره.
أخيراً أظهر بعض الحمشنه حين قال "أمضى فى طريقى بقوة عندما أدرك انه الحق، ومصلحة مصر فوق كل اعتبار" وتحدث عن قطع الطرقات وتعطيل المصالح وقال "اجبار الناس علي الخروج من اعمالهم وغلق المحلات بالقوة وتحت تهديد السلاح فهذا لا يعتبر عصيان مدني ولكنه بلطجة نواجهها بكل قوة وحسم" وألمح أن هناك سعي للسيطرة علي ذلك، المصيبه ان أنا إلي الآن لا أري أي أمارات لهذه " الحمشنه" الناس شاربه المر يا ريس، واللي نازل مشوار بعد ترديد دعاء الخروج من المنزل اما يردد دعاء السفر أو يغني " ونزلت وقلت أنا مش راجع"
أخيراً بدأ يذكر بعض الأرقام في المجال الأقتصادي مثل "فى خلال ال3 شهور الماضية تم افتتاح حوالى 119 مصنع من المتعثرين من اصل 400 تنطبق عليهم شروط عودة العمل ضمن 1600 مصنع متوقفين عن العمل .اعتمد 600 مليون جنية لتنمية 68 منطقة عشوائية بالقاهرة. حد الاعفاء الضريبي سيرتفع من 9 الاف جنية الي 12 الف جنية ويعود بالفائدة علي 2.5 مليون اسره. مدن القناة لها اهمية كبيرة عند المصريين واحرص علي حل مشاكلهم. خُصص 400 مليون جنية لمدن القناة لمشروعات التنمية وهذا امر مهم بالنسبه لهم.
قلل كثيراً من توجيه الاتهامات المرسلة عن الطرف الثالث والمؤامرات، وهذا جيد فإما أن يقدم دلائل أو يكتم في قلبه ويستحمل.
سلبيات الحوار:لم يذكر مرسي آليات الفصل بين انتماؤه للحزب وكونه رئيس لكل المصريين، الناس في حاجه لسماع شيء ملموس يطمئنها لصحة هذا الكلام.
رغم حرفية الحوار إلا أنه لا زال يبث رسائل عاطفية غير قابلة للقياس مثل "انصت جيدا واتابع كل كيان الشعب المصري" طب ادينا أماره يا ريس، لاغي الشعب علي الأقل كل فتره وأشركه معك وأعطه الإحساس انك شاري واننا " مع بعض"
في قوله "أرى أن المرحلة الحالية تحتاج إلى تكامل وأنا مسئول عن البلد والشعب المصرى ينتقل الآن نقلة نوعية ونحن نمارس ديمقراطية حقيقية لأول مرة" أتفق معاه لكن حكاية أننا نمارس ديموقراطيه حقيقيه، هذه ليست ديموقراطية، هذه غوغائية رهيبه نهايتها وخيمه، الديموقراطية الحقيقية هي التي تسير وفق أصول وقواعد الرقابه وآلياتها ووضوح الحدود والمسؤوليات، أما ما يحدث الآن فهو دفع شديد إما لانهيار الدولة أو تحولها لديكتاتورية بشعه لن يقوي معها أحد أن ينبس ببنت شفه، الوضع خطير يا ريس وليس بهذه البساطه والحنيه.
هناك عباره قالها " انا لا اتردد ولا احب التردد وعندما يتبين لي الحق اطبقه فورا" نصفها الأول أختلف معه، مرسي متردد وأي شخص في مكانه سيفعل ذلك، وأتفق معه في الجزء الثاني، فعلاً حينما ينبؤه أحد اخطئه فهو يطبقه، المشكله أن معظم معارضيه يتصيد له أخطاء اما تافهه مثل البنطلون والفرانكو آراب أو غير منطقيه كفرض نتائج الحوار عليه قبل الجلوس معه وكأنهم يطلبوه في بيت الطاعه، ده حتي السباك اللي بيطلب جملات في بيت الطاعه بيبعت لها ولاد الحلال يهدوا النفوس الأول قبل ما يبهدلها في زنانيري!
حين تكلم عن مشاريع الوادي الجديد وشرق التفريعه وأراضي المستثمرين لم يذكر أرقام أو جدول زمني أو حتي قناه للمتابعه ومعرفة تطور ومراحل تنفيذ هذه المشاريع.
أعتذر لكل الذين يبحثون عن شتيمه وسب وتقطيع وأعتذر أيضاً لكل الذين يبحثون عن مديح من عينة " لا فض فوك يا ريس" أو مرسي أخرس الألسنه" فمن هنا ورايح يجب أن نعود أنفسنا علي التحليل المنطقي بغض النظر عن انتماءاتنا ولكل من يريد أن يسلك هذا الطريق أهدي هذه التدوينه.