الأربعاء، 25 يناير 2012

ثورة الخوف

صلاة الخوف، صلاة شرعها المولي جل وعلا في حالة لقاء العدو، فينقسم الجيش إلي جماعتان، جماعة تصلي وهم يحملون السلاح وجماعة أخري خلفهم تقف لتحرس، ثم تأت طائفة أخري لم يصلوا فاليصلوا معهم ويتبادلون الأدوار:

{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

جاءت هذه الآية بخاطري وانا أري حالنا الآن في مواجهة عدو خبيث غادر كذاب ومراوغ.

ألهمتني الآية بما يجب أن نفعله الآن وهو أن يقف كل منا في ظهر الآخر مسانداً وأن نوحد هدفنا مع اليقظة الشديدة واستعدادنا التام لرد أي عدوان علي حريتنا ومكاسب ثورتنا.

الإخوان وباقي القوي السياسية تمكنوا من البرلمان، الآلة الشرعية الوحيدة في أيدينا الآن، فاليقوموا بحمايتها وتفعيلها، ولتقم طوائف الشعب وتخرج في الميادين لتعلن في سلميتها أننا لن نفرط في حريتنا ولا مطالبنا ولا دماء شهدائنا وتعلن وفاة الشعب المصري اللذي عرف بذلته وتبعيته للفرعون، وتعلن ميلاد شعب جديد لا يتخلي عن كرامته وحقوقه ويعلن سقوط آخر أسرة من أسر الفراعنة للأبد.
فعل الإخوان خيراً بتواجدهم لتأمين الميدان وان كنا نتوقع منهم أكبر من ذلك، لكن حين نضيف هذا التحرك مع تصريحات الكتاتني المباشرة بتعهد المجلس بالقصاص للشهداء قد تضح الصورة وهي أن الإخوان يميلون ناحية الإرادة الشعبية الآن وفي سبيلهم لمجابهة المجلس، دعوني أخبركم بملخص للقاء تم بين شباب الثورة وبعض رموز المجتمع المصري في منزل السفير المصري بدبي:
الحقيقة استمتعنا بتحليل والد السفير نفسه للكثير من الأحداث والخلفيات التاريخية، السفير كان موقفه محايد وكان دوره إداري للجلسة أكثر منه مشتركاً في الحوار. أدار الحوار عاشق مصر الزميل محمد عمر.

جاء هذا اللقاء المغلق للوقوف علي رأي رموزنا ورؤية شباب الثورة حضر اللقاء الشيخ عمر عبد الكافي والدكتور حازم عبد العظيم والكاتب وائل قنديل والدكتور عبد الله الأشعل، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية والأستاذ أحمد الدروي مرشح حزب الثورة مستمرة والفنان إيمان البحر درويش.
الاستاذ وائل قنديل احد الكتاب المحترمين اللذي كانت كتاباته منذ قيام الثورة وحتي الآن واضحة الرؤيا ولا تداهن، وائل قنديل من القلائل اللذين يرفضون بيع "القلم" وتدجين الكلمة، ليت الإخوة الملتزمين يقرأوا له بحياد ويتقبلوا نقده للتيار الإسلامي فهذا الرجل لا ينتقد عداوة ولا حقداً، انما ينتقد لأنه يريد الأفضل لبلاده.
الدكتور عبد الله الأشعل، ككل مرشحي الرئاسة المحترمين، ألقي بكامل اللوم علي المجلس فيما وصلنا إليه الآن
الحقيقة فاجأني ايمان بموقفه الثوري القوي وفاجأنا جميعاً بخفة دمه الشديدة اللتي وصلت لحد المسخرة.
أجمع الحضور كلهم علي الآتي:
المجلس أخطأ أخطاءاً فادحة ويحملونه نتيجة المشاكل اللتي نعيشها الآن

معظمهم لا يعتقد أن المجلس سيترك السلطة بسهولة، لكنهم كلهم يجمعون علي وجوب وقوفنا معاً للمطالبة برحيل المجلس عن السلطة وأن هذا هو السبيل الوحيد للخلاص وبدونه سينقلب المجلس علي الشرعية وسينكل بالثورة والثوار
  • معظمهم أعرب عن احترامه لنتيجة الإنتخابات مع التحفظ علي ادرارتها وتجاوزتها وأبدوا الرغبة في إعطاء الإخوان الفرصة والتعاون معهم ودعمهم في حال انحازوا للشعب في مواجهة المجلس.
  • معظمهم اتفق أن الإخوان لو لم ينحازوا للشعب سيطيح بهم الشعب في الانتخابات القادمة وأن الشرعية الوحيدة الآن هي الإجماع الشعبي.
  • كان واضحاً جداً إصرار الثوار علي مطالب الثورة وعدم التفريط فيها.
  • أعلنا رفضنا حضور الإحتفالية اللتي تقيمها السفارة بمناسبة ذكري 25 يناير لسبب بسيط جداً وهو أن ثورتنا لم تتكتمل حتي نحتفل بها، فاعتذرنا بلطف عن الإحتفال وأعلنا أن "الثورة مستمرة"
كلنا يجب أن يؤمن بشيء واحد وهو التوحد والإجماع علي الخلاص بمصر من براثن الحكم العسكري وذلك من أجل الأجيال القادمة، الآلاف الآن يبيتون في التحرير ليستيقظوا مع شمس الصباح للمطالبة بما طالبنا به منذ عام مضي:

عيش، حرية، عدالة إجتماعية ، القصاص لدماء الشهداء وإنذار المجلس والقضاء علي أي اوهام قد تساوره للالتفاف علي الإرادة الشعبية واغتصاب ولو جزء منها، فالنقف جميعاً لنثور ثورة الخوف ولا نغفل عن سلاحنا الا وهو وحدة الكلمة، ولا نحيد عن ذلك فعدونا يتمني اللحظة اللتي نغفل فيها فيميلون علينا ميلة واحدة.


عاشت الثورة وتسقط أوهام العسكر.

الأحد، 22 يناير 2012

جراب الحاوي


أن ينقلب السحر علي الساحر، أن يتحقق ما كنا ندعوا به دائماً خلف الإمام في صلوات التراويح علي مر السنين "اللهم رد كيدهم إلي نحورهم" ، أن نري الحكمة اللتي كنا ندرسها في كتاب المطالعة في الصف الثالث الإبتدائي "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها" أن نري كل ذلك يحدث في صراعنا غير المتكافيء مع المجلس العسكري، فاعلموا أن يد الله فوق أيديكم، واعلموا أن الله يدير المعركة ويدير دفتها وما نحن إلا ستار القدرة لنأخذ الأجرة.

كان المجلس يستعد لنصب كرسي الفرعون ويعلنها لنا جميعاً " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي"، فجاء شهداؤنا الاطهار في محمد محمود ليعلنوها مدوية كالرعد "مصر للمصريين" وتدفق نهر الدم من تحت المجلس وأطلت علينا ابتسامة عماد عفت وبراءة علاء عبد الهادي لتحملنا الأمانه " أمانة تبوسوا لي إيديها... وتطمنوني علي بلادي"

فرد كيد المجلس إلي نحره وأعلن عن حذف سنة كاملة من خارطة الطريق وتسليم السلطة في يونيو 2012 واختفت لغة الفوقية والعنجهية وانقشع اللواء ممدوح شاهين بتصريحاته المملحة.

واقترب 25 يناير ولا يزال الشارع في هياج بعد أن أثبت المجلس بما لايدع مجالاً للشك أنه القائد الأعلي ورئيس اركان الثورة المضادة، فبدأ يخرج ما في جرابه وأرسل في القنوات حاشرين لياتوه بكل "أفاق " عليم. وجمع السحرة أجمعون وأشاروا عليه بحيلة الكوبونات والخربشه والهدايا والإحتفالات، فكان أقوي تعليق سمعناه من سيدة مصرية " إن البنزين اختفي لانهم هايمونوا به الطائرات اللي هاترمي كوبونات الحظ يوم 25 يناير"

أضف إلي ذلك الثعابين الكثيرة من عينة إحراق البلد والإنفلات الأمني، ثم فقرة البنزين اللتي لم تنطلي علي الشعب وكل الناس فقستها بسهولة وعلموا أنها لتأديب الشعب وعقابه جماعياً نظراً لاستجابته وتفاعله مع سلاسل الثورة وحملة كاذبون وزيادة الإحتقان والكره للمجلس.

أما فقرة المهرج فكالعادة نالت إعجاب الأطفال قبل الكبار الا وهي إعتبار يوم 25 يناير عيد الثورة المجيدة؟! هذا القرار جعلني اقول " لو لم اكن شرقاوياً لوددت أن أكون إسكندرانياً"

واليوم مد السيد المشير يده في الجراب وخرج بحيلة جديدة وهي تعيين عشرة نواب في المجلس معظمهم من الأقباط، تاني يا سيادة المشير؟ لعب علي الفتنة الطائفية ومشاعر الأقباط؟ هل تتوقع أن يبيع الأقباط رأس المسيح بثلاثين قطعة من الفضة؟ هل ينسون ضحاياهم بستة كراسي خشبية تحت القبة؟ هو كله تقليد لسياسة المخلوع؟ ايه مافيش ارتجال؟ مافيش تجديد؟ مافيش فن؟

أما الفقرة الرئيسية فموعدها يوم 23 يناير وهي تذكرني بفقرة الحاوي حين يخلع القميص ووالكومبيليزون ويقف عارياً ويطلب من المشاهدين أن يوثقوه بالحبال ليريهم مهارته في فك نفسه ويظل كلما أحس بالتعب أو الحبال معقدة معاه يتوجه للجمهور صائحاً " سقفه بقي كده للنبي....سقفه بقي كده علشان نفك الحبال بالجدعنه لا سحر ولا شعوذة". إجتماع عاجل للبرلمان المنتخب وقرارات مهمة و " مفاجأة " سيعلنها سيادة المشير. اولاً ما هي صفة المشير ليعين أعضاء في مجلس الشعب؟ هل يعقل أن يعاني 300 ألف في دائرة كمدينة نصر لمدة يومين لاختيار واحد فئات وواحد عمال، وكل دائرة بمن فيها من البشر بعشرات الألوف يختارون مقعدين فردي، وسيادة المشير يعين عشرة كراسي؟ بأي سند قانوني أو دستوري؟ بصفته إيه؟ لا يوجد أي سند لذلك إلا المأثور الشعبي "إللي يتجوز أمي اقول له يا عمي"

المشير سيعلن مفاجآت في خطبته أمام البرلمان، ياتري ماهي؟ هل هي فقرة الأرنب من البرنيطة؟ هل هي فقرة "الحمامة"؟ خاصة وأنه مزنوق وفي وضع حرج. هل فقرة التنويم المغناطيسي كدافيد كوبر فيلد؟ هل يقلب الترابيزة علي الإخوان  ولا يترك أمامهم اي خيار فإما مناصرته والتواطؤ معه وإما الصدام؟ هل يلغي قانون الطواريء فيقوم احد الحضور ويقف قائلاً "سيادة المشير: طواريء ولا باسات؟" فيضحك الجميع وتتأجل الثورة.

صحيح ياما في الجراب يا حاوي! وكل هذا ليمر يوم 25 يناير بسلام؟ طيب سيدي المشير ماذا ستفعل في 26 و27 و28 يناير؟ و2 فبراير؟ و11 فبراير؟ ماذا ستفعل في ذكري فض أول اعتصام؟ وذكري أول كشف عذرية؟ وذكري سقوط أول قتيل برصاص الجيش بعد صرخات نوارة نجم علي الجزيرة "مافيش ظلم تاني...مافيش خووووف تاني"؟ ماذا سنفعل في ابريل ومايو (ذكري مسرح البالون) ويونيو ويوليو، سيدي المشير لقد جعلت ورجالك كل أيامنا أعياداً مجيدة! فأني لجرابك من الحيل ليكفي كل هذه الإحتفالات؟ لا نحتاج لكوبوناتك فنياشين أغلفة الطلقات النحاسية تزين جباهنا، والعابكم النارية لطالما أبهجتنا وابلغتنا منازل الشهداء. لا نحتاج لخربشة الكوبونات فالشعب "خربش" من زمان وكسب خلاص.

فالتؤدي العرض كما يحلو لك، الشعب يستمتع بالفيشار ويشاهد وما أن تفرغوا ما في جعبتكم، سيلقي الشعب ما في يمينه فتلقف ما صنعتم، وما هو إلا كيد ساحر، ولا يفلح الساحر حيث اتي.

هذه الثورة ثورة ربانية وإرادة إلهيه سيذل الله بها الظالمين وينصر المخلصين المؤمنين ويبرم لامتنا أمر رشد، تصان فيه الكرامة وتعلو فيه قيمة الإنسان، يعز فيه أهل الطاعة والعمل ويذل فيه أهل المعصية والظلم والجدل.

إعملوا ما شئتم فإن الله هو الملك " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ "

الخميس، 19 يناير 2012

احنا اللي دهنا الشعب دوكو

ردت المياه في زوري وأنا أستمع لدينا عبد الرحمن وهي تقرأ ما نشرته اليوم من استعدادات الجيش والشرطه لمظاهرات 25 يناير بدءاً من الهراوات حتي الضرب بالرصاص الحي في الأقدام، ثم صعقت عندما سمعتها تقول عن الحيلة الجديدة اللتي سيستخدمها الجيش والشرطة وهي رش مياة ملونة تظل في الجلد 6 أشهر!!

ياولاد اللعيبة؟ حتي يتعرفوا علي المشاركين في التظاهرات بعد أن يتفرقوا ويقبضوا عليهم في اللجان والكمائن.
لكنني قلت في نفسي الشباب الثوار الجدد ماشاء الله عليهم أطباء ومهندسين وكيميائيين وأكيد سيجدوا الحل لهذه المسألة، وما هي إلا 48 ساعة والشباب وجدوا الحل:
لمقاومة المياة الملونة في حالة استخدامها في تفريق المتظاهرين
ينصح بارتداء معاطف بلاستيكية سواء جراحية او ضد الأمطار
يستحسن دهان الوجه والاجزاء العارية من الجسد بالزيت ( زيت أطفال مثلا) أو الفازلين
الاحتفاظ بزجاجة صغيرة من التنر لازالة اللون بسرعة
ارتداء نظارات السباحة لحماية العينين

الشعب المصري الحر... الشعب المصري العظيم... الشعب المصري مايموتش، الشعب المصري مالوش حل، ناهيك عن النكت اللتي ستنتشر حول هذا الموضوع، ولن ينوب الظالمين سوي بعزقة فلوس البلد وقلة قيمتهم أمام العالم كله.

يارب استرها عليهم، الشباب اللذي قرر أن يقف في وجه الظالم ليحصل لنا علي الحرية كاملة غير منقوصة وليس حرية "محجوب عبد الدايم" في فيلم القاهرة 30 .

انشر التدوينة دي قدر المستطاع، وساعدنا في حماية اخواتك من الإعتقال والقتل، ولمن يقول أن هذا الإجراء سيتبع ضد المخربين فقط، أقول وهل تم القبض علي مخربين قبل ذلك قط؟ القبض فقط يتم علي النشطاء. وياسيدي ولا يهمك لما يشوفوا واحد مخرب يضربوه بالذخيرة الحيه في قلبه ويريحوا البلد من شره. أظن الذخيره الحية ليس لها علاج إلي الآن وإن كنت أعتقد أن شباب الثورة يبحث لها عن حل أيضاً.
شعب حكامه بيدهنوه دوكو وميتاليك كمان، منتظرين منه ايه؟

                       يسقط يسقط حكم العسكر. 

الأحد، 15 يناير 2012

أول الحكاية: بن علي هرب.


قبل الحكاية وبدايتها رأيت رؤية جميلة جداً أوردها لكم هنا
للاستبشار بالفرج والنصر باذن الله.

البدايه، 6 يناير 2011:

صبيحة يوم رؤاياي الجميلة هذه نشرت هذا التعليق علي حائطي
الشخصي (لم تكن المدونة أنشأت بعد)

 "رأيت اليوم رؤيا رائعه لم أر مثلها في حياتي إلا مره واحده فقط رأيت السماء تفتح أبوابها بنور عظيم اتجهت نحوه فوراً طائرات كثيفه لقصفه فتلاشت في لحظات ثم رأيت فرحه عارمه وتهليل علي وجوه الناس مع علمهم أنه سيكون هناك معاناه شديده (هذا ماشعرت به) مع ذلك فهم يستبشرون, بعدها استيقظت علي صوت آذان الفجر."
قليل جداً اللذين استبشروا معي بهذه الرؤيا، كان الناس يملؤهم اليأس والإحباط وانعدام الأمل في أي اصلاح من أي نوع فضلاً عن التغيير أما موضوع "الثورة" برمته فكان كانما تنطق بكلمة "أبيحة" لها مدلولات لا أخلاقية صريحة.

14 يناير 2011 "بن علي هرب.....بن علي هرب"

http://www.youtube.com/watch?v=OKKvc4sxwfw

وأنا أشرب شاي المغربية في منفاي الإختياري بدبي إذا بليلي مذيعة قناة الجزيرة تذيع نبأً عاجلاً أن "الرئيس زين العابدين بن علي قد غادر البلاد هارباً" وقع الخبر علي كالصاعقة! وما هي إلا دقائق حتي ظهر الفيديو الشهير للمواطن التونسي اللذي يرتدي الترنج الأبيض ممسكاً بهاتفه الجوال اللذي لم يتوقف عن الرن وهو يصيح بصوت يخلع القلوب " الشعب التونسي الحر.... الشعب التونسي العظيم.....الشعب التونسي مايموتش.....الحرية للتوانسه.... المجد للشهداء" ولم أشعر لا بقلبي ولا بدموعي ولا جلد جسدي بالكامل وهو يقشعر من الرهبة وهو يقول ويردد كالطائر اللذي فر من القفص إلي عنان السماء "بن علي هرب.... بن علي هرب"

يا ألله؟ رئيس عربي يهرب؟ يختفي؟ يفر من شعبه المقهور؟ رئيس عربي ينتهي هكذا؟ بلا رصاصة في القلب أو العنق؟ بلا انقلاب عسكري وإعدام دموي؟ بلا ملك موت يأتيه بعد صراع طويل له ولنا مع السرطان العتيد وكعب داير علي المراكز الطبية العريقة في شتي أنحاء العالم وصورته المتكررة وهو عائد مبتسم إلي المطار وحوله "كل رجال الرئيس" يبتسمون أيضاً لعودة ولي نعمتهم المشفوطة من حجرات أذين وبطين الشعب؟ وهم يهتفون " حتي الموت لا يستطيع أن يقهر ريتشارد؟"
رئيس عربي يهرب؟ ومواطن عربي يهتف في الشارع هكذا؟ بكل حرية؟ دون إعتقال أو صعق بالكهرباء؟ ينادي بالمجد لشعبه المذلول المستباح؟
"الشعب التونسي الحر" ؟ هل هذا ممكن؟ "شعب عربي حر؟ شعب عربي يري نفسه في المرآة في الصباح ويتحسس ملامحة وليس ملامح الرئيس؟ يري أحلامه وأحلام أسرته وليس أطماع الرئيس وأنجاله وشلته؟

هل هذا ممكن؟ شعب عربي يبني لغده ومستقبله ويري أشجار زيتونه تترعرع فتنبت بالدهن وصبغ للآكلين وليس حنظل الذل والقهر اللذي ينبت بالعلقم غصة للشاربين؟
شعب عربي حر؟ يعرف معني الكرامة وحرمة جسده ولصوته ثقل ووزن؟ مواطن عربي يمشي علي تراب بلاده وهو يشعر أنه ملك له ويتمني أن يعيش ويموت ويضحي من أجل حباته؟ وليس يسير عليه وهو يكرهه لأنه تراب الرئيس وارض الرئيس وحرم الرئيس وحماة وحرس الرئيس؟
وجدت نفسي أقول " نعم ممكن، ممكن ان نري الشمس ويكون لنا القدرة علي الحلم. نعم نستطيع أن نتذوق معني الإنتماء ومعني أن يكون لنا وطن.

منذ ذلك اليوم علمت أن لي بلد ووطن وجنسية بعد أن كنت أبحث عن بلد بديل ووطن بديل وجنسية بديله، في هذا اليوم أردت ان أسير أنا أيضاً في شوارع القاهرة لأعلن للدنيا أنا أيضاً أن الشعب المصري حر، الشعب المصري مايموتش، الحرية للمصريين والمجد... للشهداء، صحيح هل يمكن أن يصبح لنا شهداء؟ شهداء من أجل الحرية والكرامة؟ رقت قلوبنا فخراً ونحن نري الأشقاء التوانسة يسيرون معاً وهم يرددون بيت أبي القاسم الشابي " إذا الشعب يوماً أراد الحياة......" وانتشرت في اليومين التاليين لهذا المشهد نكتة سخرنا بها من أنفسنا أو سخر احد بها منا لا ادري وهي أن "الشعب المصري إذا اراد الحياة فاليبحث عنها علي تردد 11235 " لم أضحك للنكتة بل بكيت لها دماً. ولدت وترعرعت ونشات ولم أري ولم أعلم عن شعبي إلا الخضوع التام والمذلة، فهل يستطيع شعبنا المصري أن يحذو حذو تونس؟

صبيحة ليلة هروب بن علي وجدتني أكتب هذه الأبيات للشعب التونسي:
يا شعب تونس الحر جاوبني, ايه هو طعم الحريه؟
ايه شكل الشمس في طلعتها تاني يوم الصبحيه؟
اوصفلي دقة قلبك من الفرحه؟ اوصفلي ازاي لون الصرخه؟
طب قوللي, حلو الاصرار؟ علمني ازاي نبقي كبار.
علمني ازاي افتح صدري لرصاص غدار.
علمني ازاي دمي حيجري...يحضن دمك.
علمني ازاي علمي الخايف يحضن علمك.
اوصفلي ايه يعني كلمة بكره؟ خليني طب ألمس ديل الفكره!
طب قوللي ايه يعني تحدي؟ ادعيلي يوم زيك أرجع بلدي

هروب بن علي فتح طاقات من النور والأمل، ومن المعاناه والألم أيضاً.
بدأت الحكاية بهروب بن علي، وما زالت رؤوس الطغاة تتساقط وما زالت شعوبنا تدفع الدماء ثمناً لحريتها. ولا زالت الحكاية مستمرة، حكاية شعوب تبحث عن حريتها وكرامتها وسط ركام سنوات من القهر والظلم والضياع.


تهانئي القلبية لشعب تونس بذكري ثورته، وربنا معاهم ومعنا نحن أيضاً.

الخميس، 12 يناير 2012

سلاح التلميذ



الحيرة تسيطر علينا جميعاً وعاوزين نفهم، الإمتحان قرب والمنهج صعب وعلشان أنا كمان عاوز أفهم، رأيت أن نراجع منهج الثورة في سين وجيم.
س: هل المجلس قام بحماية الثورة

ج: مبارك كان بمثابة علبة جبن فسدت وعلاها الريم والعفن وصارت تزكم الأنوف، والملايين اللتي خرجت لم تكن لتعود بأي حال من الأحوال إلا ومبارك خارج المشهد، بالنسبة لجمال كل التسريبات حتي من قبل الثورة كانت تقول أن الجيش رافض لسيناريو التوريث، الحكاية وما فيها إن الحسبة كانت بسيطه، رجل منتهي الصلاحية وابن بيلق في الكرسي ومصر كبيره أوي عليه وموجة الغضب جامده فوافق الحق الهوي وبطوبه واحده سقطت عشر عصافير، سقط الرجل العجوز وابنه الفاشل وتم احتواء موجة الغضب الشعبي وردم التواطؤ اللذي حدث مع البلطجية ويصبحوا أبطال أيضاً. ويتم الحفاظ علي النظام وتطويره وإعادة إنتاجه والدنيا تبقي عنب.
س: هل سارت الثورة في المسار الخاطيء؟
 
ج: أكبر خطأ لن تغفره لنا الأجيال القادمة هو أننا تركنا الميدان يوم 11 فبراير، وآمنا لتسليم السلطه للعسكر اللذين لهم تاريخ طويل في الإنقلاب علي إرادة الشعوب منذ أن درسنا في التربية الوطنية أهداف الثورة السته "تلاته هدم وتلاته إقامه" فاكرينهم؟ تركنا المجرم وأولاده وعصابته دون محاكم ثورية فورية، إنفض الميدان دون تكوين مجلس لقيادة الثورة من الشباب والمفجرين للثورة تسير وراءها الجماهير، استجبنا لدعوات سياسة فرق تسد وتقطعنا إلي فرق فكرية وأحزاب وتيارات وكل من ليس له إتجاه وجه بوصلته لوجهة ما وانفرط العقد ففقدنا ميزة الضغط والتأثير ونحن فعلاً في مرحلة حرجه وفي أضعف حالاتنا.
س: من يقود الثورة المضادة؟
ج: اللذي عين عمر سليمان لينقض علي الثورة، لكننا كنا مازلنا بقوتنا ووحدتنا فانحرق هذا الكارت. اللذي عين أحمد شفيق وساعده علي الفرم والحرق وتهريب الأموال، لكن ربنا كان كريم والأسواني وقعه في شر أعماله وجعله يعلن علي الملأ أنه قتل وانقتل، فطبعاً لم يكن من الطبيعي أن يحكمنا رجل مقتول! وفي وجود الزخم الشعبي طار شفيق هو الآخر. اللذي يقود الثورة المضادة هو من قام بضرب أول سكينه في بطيخة الثورة المتماسكة عن طريق استفتاء التعديلات الدستورية وكده كده سواء قلنا نعم أو لأ كان السيناريو هو هو، لو قلنا نعم يبقي النتيجة مجلس مالوش أي تلاتين لازمة ولو قلنا لأ تكون النتيجة دستور مالوش أي تلاتين لازمه، ومن هنا نشطت اللجنة الإليكترونيه وهات يا تسخين بين أنصار نعم ولأ وطبعاً الخلطه السحرية بتاعة المسلمين والأقباط وغزوة الصناديق وفيديوهات القساوسة والمشايخ لاستقطاب عنصري الأمة وانقسمنا لفرقتين. ووجدت الثورة المضاده الترياق السحري "فرق تسد" قيادة الثورة المضاده هي أول من عضت لحم المصريين ومدت يديها لأول مره علي اللحم المصري بعد ثورة الحرية وفضت إعتصام مارس بالقوة ثم سارعت بأول اختبار حساسية وقالت لنا "نعتقد أن رصيدنا لديكم يسمح" ونحن بهبلنا قلنا "نعم يسمح، ايدك فيها الشفا يا سيد المعلمين" وبعد أن صمت الجميع علي التطاول علي جسد المصري الثائر جربت قيادة الثورة المضادة التطاول علي العرض وكانت حادثة كشف العذرية وقبل أن يهتاج الناس تم إنكار الواقعة ولا زالت قيد البحث والفحص. وبعد أن عدت علي خير وشربناها، بدأ مشروع التصفية المنظمة.
س: أيوه مين يعني اللي بيقود الثورة المضاده؟
ج: بعد كل اللي قلته لك ده؟ انت عبيط ولا إيه؟

من هم الثورة المضادة؟
ج: النظام القديم وأعوانه والمستفيدين منه
ألم يسقط النظام القديم؟
لا طبعاً لم يسقط، لقد سقط مبارك وحلمه في توريث إبنه لكن نظامه لم يسقط، النظام هو فكر وطريقة إدارة وهذا لم يتغير ومستمر للآن.

امن الدولة كما هو بكامل هيئته وأفراده، فقط تم تغيير اسمه. كل مدراء ورؤساء المؤسسات والمصالح الحكومية كما هم، عصابة متفاهمة ومدربة علي تخريب البلد وعرقلة أي محاولة أو بادرة للإصلاح، هذه العصابات ثورة مضادة. كل ضابط شرطة وأسرته واقاربه وكل من كان يستفيد من علاقاته وسطوته هم ثورة مضادة إلا من رحم ربك. كل ضابط جيش كبير وأسرته واقاربه هم ثورة مضادة إلا من رحم ربك. كل موظف مرتشي كان يفتح الدرج وأسرته هم ثورة مضادة. كل رجال الاعمال الفاسدين وأسرهم ثورة مضادة، معظم الفنانين والعاملين بماسبيرو والصحفيين والإعلاميين هم ثورة مضادة إلا من رحم ربك. كل بلطجي شارك في تزوير انتخابات أو قتل أو سحل ثورة مضادة. كل كهل في آخر كهولته وكل عجوز لا يريد وجع الدماغ ولا يريد أن يواجه نفسه أنه كان يعيش ذليلاً بلا كرامة وبلا قيمة وتعود علي التبعية والإنكسار وفقدان النخوة هو ثورة مضادة إلا من رحم ربك. كل طالب أو شاب كان عميلاً لامن الدولة أو عضو في جمعية سوزان أو جمال أو اللجنة الإليكترونية ثورة مضادة بلا استثناء. كل من تلوثت يده بالتعاون مع أمن الدولة يوماً ما وكل من قبل ان يخون زملاؤه في الكلية أو العمل ويكتب فيهم التقارير هو ثورة مضادة حتي ولو انقطعت صلته بامن الدولة. كل مشايخ الأوقاف غير المؤهلين اللذين كانوا يتعاونون مع أمن الدولة أو كل من ينتسبون لاتجاهات اسلامية معينة ولهم تعامل مع أمن الدولة هم ثورة مضادة.كل إنسان في موقف غير أخلاقي أو يفتقر إلي النزاهه أو متخاذل ويريد تغطية موقفه اللا أخلاقي هو ثورة مضادة. كل من رضع من لبن النظام الفاسد ونبت لحمه من الحرام والفساد هو ثورة مضادة.
س: طب ليه الإخوان مع المجلس؟ وليه المجلس مع الإخوان؟ وبماذا تفسر صمت الإخوان عن ممارسات المجلس؟
لا المجلس مع الإخوان ولا الإخوان مع المجلس، المجلس ونظام مبارك وجدوا أنفسهم يواجهون شعباً باكمله ومن المستحيل مواجهة كل هذه القوي، فاتبعوا سياسة فرق تسد. الإخوان هم الفصيل الأكبر خاصة بعد تحالفهم مع السلفيين في بداية الثورة، التيارات الإسلامية عاشت طوال حكم مبارك في إضطهاد وتهميش فوجد المجلس ضالته المنشودة، وهي تحييد هذا المارد النائم وإعطائه مالم يكن يحلم به: الأمان فلا أمن دولة ولا زوار فجر ولا تهم ملفقة، فخدرتهم نشوة السعادة وشعروا أن الثورة فعلاً حققت أهدافها. من جهة أخري زرع النظام الفرقة والعداوة والتراشق بين التيار الإسلامي وباقي القوي الثورية ثم بدأت سياسة أكل الثيران الثلاثة، الكل زي الفل إلا 6 إبريل، واشتغلت وسائل الإعلام واللجنة الإليكترونية علي الثور الأول إتهامات بالعمالة والخيانة والتمويل الخارجي والتفسخ الأخلاقي، إلخ ووقف الجميع يشاهدون في سعادة استبعاد لاعب أساسي من الملعب. ثم جاء دور الثور الثاني، شباب الثورة، ضرب وسحل وفقأ أعين ثم أخيراً كشر المجلس عن أنيابه وخلع القناع وأصبح الرصاص الحي الغادر هو لغته المعتادة في التفاهم، تصفية الشباب المتمرد لعل الباقي يخاف ويجبن ويلزم بيته، فما زاد الشباب إلا تحدي. وبدأ الإعداد للقضاء علي الثور الاخير، الثور السمين القوي " الإخوان" أول مسمار يتم دقه الآن في نعش الإخوان هو ضرب الإسفين بينهم وبين السلفيين والإنتخابات كانت بيئة خصبة لذلك وقبة البرلمان ستكون أشد خصوبة. والقادم أكثر سواداً. وصدام الإخوان مع المجلس قادم لا محالة، إلا إذا رضخ الإخوان واستكانوا وباعوا القضية وباعوا البلد للمجلس ليحافظوا علي بقاء الجماعة ويحموها من الإعتقال والتشريد وزيارات الفجر.
وهل الإخوان سيبيعون القضية؟
من تاريخهم ورصيدهم الماضي، لا أعتقد، لكن من تصرفاتهم وتصريحاتهم الغريبة اللتي أراها هذه الأيام أعتقد أنهم سيبيعون القضية ويسلمون البلد للعسكر علي أساس السماح لهم بالعمل الدعوي والحرية وعدم التضييق علي أمل أن يصلحوا عن طريق الدعوة والتربية، لكن في رأيي أن هذا "في المشمش"فإن الطغيان والجبروت والظلم لا يعرف العهود ولا المواءمات والتاريخ ناصع وواضح لمن يقرأ وكلمة الشهيد عبد القادر عودة فيي جموع الإخوان في مظاهرة قصر عابدين لمناصرة محمد نجيب أيام استيلاء جمال عبد الناصر علي حكم البلاد "انصرفوا مأجورين"خالدة انصرف الإخوان، وبعد خمسة أيام تم القبض علي الشهيد عبد القادر عودة وإعدامه، ثم بدأت المذابح والسلخانات تستقبل الإخوان حتي إعدام الشهيد سيد قطب سنة 1966 ثم النتيجة الطبيعية لانصراف العسكر من الميدان إلي السياسة والسلطة كانت النكسة وانتهاء الكيان العربي وعلو الكيان الصهيوني حتي يومنا هذا.
ولماذا هذا الموقف المتخاذل من الإخوان؟
الأخوان بخبرتهم الطويلة ومصادرهم الخاصة علموا أن السكة السالكة والكسبانه والواضحة والطويلة اللتي تحتاج لتنظيم النفس هي مجلس الشعب، علم الإخوان أن الوقوف في الشوارع وضرب الطوب والكر والفر يبدد الطاقة ويزهق الأرواح وفي النهاية لا شرعية لهذة الممارسات. الشرعية الثورية تطلب توحد ملايين من الشعب وراء المطالب الثورية ماذا وإلا سيتم التعامل معها علي أنها"مطالب فئوية". هرش الإخوان لعبة العسكري لاستدراجهم في صدام مميت في مصيدة محمد محمود، أحس الإخوان أن هناك تشويه ممنهج للقضاء علي قيمة ميدان التحرير ورمزيته وطاقته الثورية الخلابة يقوم بها المجلس العسكري بالتعاون مع كافة اجهزة النظام الساقط، فتركوا ميدان التحرير حتي لا يستهلكوا في هذا الفخ وركزوا في إيجاد صيغة شرعية وتعاملوا مع الموضوع كسباقماراثون ومن يتمرس في سباقات الماراثون يعلم أن لاعب الماراثون يسير بسرعة محسوبة ومنتظمة فلا يستطيع الزيادة والتعسف.مشكلة الثورة ان شبابها في سباق مائة متر حرة ويزيدون في السرعة لبلوغ الهدف لذلك هم والإخوان ليسوا علي نفس الموجة، الإخوان حولوا الثورة إلي "حركة إصلاح" قد تتعايش مع الفساد علي أمل إصلاح الحال علي المدي الطويل، والشباب والثوار يرون التغيير الجذري ويفهمون الثورة علي مفهومها الصحيح وهو هدم الفساد واقتلاعه تماماً والقضاء علي رموزه قبل البدء في البناء.

الإخوان يرون الثوار يعتسفون الطريق والثوار يرون الإخوان يتخلون عنهم في منتصف الطريق.
يعني الإخوان اتصرفوا صح؟
الإخوان كسبوا مقاعد في المجلس، حافظوا علي كيان الجماعة، إبتعدوا عن الصدام لكنهم خسروا الكثير من الشعبية والتقدير وفقدوا كاريزما القيادة. و "ميعوا الثورة" وافقدوها زخمها وتركوا ظهر الثوار مكشوفاً فأصاب منهم النظام الساقط وأعمل فيهم الإنتقام والقتل والتصفية. كان أمام الإخوان فرصة تاريخية لاحتواء باقي القوي السياسية وقيادة العائلة الثورية، كان يمكنهم استخدام تكتيكات أكثر جرأة وأكثر نزاهة لكنهم آثروا مبدا السلامة فسلموا من المجلس مؤقتاً لكنهم لم يسلموا من سخط النخبة وسخط الفيس بوك ولن يسلموا من محكمة التاريخ ولن يسلموا من بطش النظام أيضاً ودورهم قادم لا محالة.
رأيي الشخصي أن المجلس لن يترك الإخوان، هو فقط ينتظر الخلاص من باقي الأصوات المتمردة الثورية وفي اللحظة التي سيشعر أن هذه الاصوات خمدت سيوجه الضربة للإخوان علي الفور.
الإخوان أيضاً يحاولون الخلاص بالبلد من تحت ضرس المجلس العسكري عن طريق القناة الشرعية الوحيدة المتاحة وهي البرلمان، واعتقد من واقع معرفتي بتكتيكات الإخوان أنهم لم ولن يبيعوا ولم يكن في نيتهم الخيانة، لكن الحقيقة الموضوع بهوق منهم، خاصة إنهم مع كل الضغوط المحيطة وصعوبة المأزق الاخلاقي وقع متحدثوهم الرسميون في سقطات إعلامية كانت تصيبني بالدهشة وآخرها تصريح محمود غزلان اللذي أعطي فيه مالا يملك لمن لا يستحق، فلا هو يملك حق ولاية دم الشهداء ولا المجلس يستحق ان نفرط في دماء وارواح ضحايانا وشهداؤنا ونمنحه ملاية الخروج الآمن ليلف بها نفسه بعد أن يسلمنا السلطة.
ما اللذي يجعلك متأكداً من خيانة المجلس العسكري للثورة؟
استسمحك أعكس السؤال، ما اللذي يجعلني أتأكد من عدم خيانته؟
من أول الفيديو اللذي يسير فيه بلطجية موقعة الجمل بين صفوف الشرطة العسكرية وهي الذراع القذرة اللذي قام بمعظم الجرائم، غلي السكوت علي فرم وحرق وثائق أمن الدولة وادلة إتهام قتلة المتظاهرين. لماذا يستفتينا المجلس علي تغيير ثلاث مواد في الدستور ثم يغير 62 مادة؟ وفض اعتصام 9مارس ثم كشف العذرية ثم فض اعتصام أبريل ومايو ويونيو ويوليو في اغسطس كان راحة بسبب رمضان، ثم مارس ثم القيل الجماعي في ماسبيرو في أكتوبر، ثم اصطياد المتظاهريغن في نوفمبر ثم مذابح محمد محمود ثم قنابل الغاز ثم حادثة الإفك والفضيحة المدوية لسحل الفتاة المسكينة وآلاف المعاقين والمصابين. أتذكر مشهد ريتشارد قلب الاسد في فيلم الناصر صلاح الدين وهو يردد في أسي " يدي ملوثة بدماء سبعين من الأسري" ولويز الطاهرة تحاول التخفيف عنه وتهدئته لشدة إحساسه بالذنب، حتي ريتشارد الخمورجي ضميره أنبه، حتي ريتشارد اللي قلبه ميت صعب عليه الدم، لكن الجنرالات لا قلب لهم ولا ضمير، حتي لويز الطاهرة التزمت الصمت إزاء ممارساته.
لماذا لا تكون منصفاً وتذكر إيجابيات المجلس؟
تقصد وثيقة يحي الجمل اللتي لم يطلبها أحد؟ وعندما هاجت القوي السياسية ورفضوها أنكر المجلس صلته بها وضحي بيحيي الجمل علشان هو يعيش؟ أم وثيقة السلمي الفوق دستورية واللتي كشفت عن نية المجلس الحقيقية في التشبث بالسلطة واللتي رفضها حتي الإخوان أنفسهم؟ ولولا شهداء محمد محمود لأصبحت أمراً واقعاً؟ واضطر المجلس تحت الهياج الشعبي لإلغائها والتبرأ منها واضطر للتضحية بالسلمي علشان هو يعيش.
قصدك محاكمة القرن اللتي تحولت إلي مسرحية القرنين؟ المسرحية اللتي وجد المجلس نفسة مضطراً لها بعد الضغط الشعبي الهائل وبعد ستة شهور من قيام الثورة؟ ولعلمك ربنا هايوقع مبارك في شر أعماله وقد يجد المجلس نفسه مضطراً للتضحية بمبارك ونجليه قبل 25 يناير القادم علشان هو يعيش.
ذكرني من فضلك بقرار أو إنجاز إيجابي فعله المجلس بدون ضغط شعبي بمليونيات متكررة أو دون إراقة دماء العشرات؟ باستثناء إلغاء التوقيت الصيفي وإخلاء أرضية ملعب استاد المحلة من الجمهور بعد هدف جدو اللذي مزق الشباك؟
هل أذكرك بالكذب والتدليس وقلب الحقائق و"احنا ماعندناش قناصة" "إحنا ماكشفناش عذرية" "ماعندناش رصاص حي" "ماعندناش غاز" "ماعندناش خرطوش"
الشارع يغلي وكلنا لا نزال نعاني من الصدمة بعد رؤية بناتنا تسحل وتهان وتضرب بقسوة وشبابنا يضرب بالرصاص وبدلاً من أن يستدعي الجنرالات الضباط المسؤولين عن ذلك للتحقيق معهم يستدعي رموز ثورتنا ونشطائها للتحقيق معهم في أحداث مجلس الوزراء؟ حدث هذا طبعاً بعد التشويه الممنهج والمركز للثوار ورموز الثورة.
طب انت شايف ايه؟
أنا أري أن المجلس العسكري أساء تقدير موقف الثورة ونحن أيضاً، المجلس تصور أن مبارك خراج في نافوخ الشعب وأن بمجرد فتح هذا الخراج سيستريح الشعب ويعود للجري وراء لقمة العيش ويستكين ففوجيء بجيل الشباب الجديد اللذي يريد التغيير الجذري الكلي لتتساوي مصر بسائر البلدان الحرة في العالم الأول، فقام كما قلت باتباع سياسة فرق تسد فبدأ ب 6 إبريل ضرب وتشويه ولجان إليكترونية وتهم واستعان بالإسلاميين للضرب والتشويه فانطلقوا كالسذج إما بعدم وعي أو بتعاون مباشر مع أمن الدولة اللذي يجند عدد ليس بالقليل ممن ينتمون للتيار السلفي إسماً والسلف منهم براء. ثم تصفية ثوار الأقباط ونحن كالسذج قلنا أحسن يستاهلوا ماهم متفرعنين فيها وفاردين سدرهم علي الآخر، هل تستطيع تبرير إغتيال الناشط الوطني الحر مينا دانيال وغيره من ثوار الأقباط في ماسبيرو بينما فلوباتير اللي ولع الدنيا زي الفل لم يمسه أحد؟ الإجابة أن مينا دانيال كان هو المقصود والتار البايت كان معه ومع الثوار وليس مع فلوباتير، تذكرت مينا دانيال حين رأيت الشيخ عماد عفت تغتاله يد الغدر برصاص القناصة، التزمنا الصمت علي إغتيال مينا دانيال القبطي فاغتالوا شيخنا الجليل عماد عفت وغداً أنا وحضرتك.
ثم جاء دور المنظمات الحقوقية، عارف ليه حضرتك؟ لأنها تتكفل بعلاج مصابي الثورة اللذين يعاملون كالمجرمين أحياناً وكالكلاب أحياناً اخري.
ثم دارت الدائرة علي الإعلاميين الأحرار والفنانين والكتاب الثوار، وانطلق الإسلاميين بسذاجة مفرطة يحسدهم عليها الصعايدة بالهجوم علي رموز الثورة ورميهم بالفسق والزندقة، أعلم بل وأشهد أن الكثير من الرموز الليبرالية والكتاب والفنانين الثوار كانوا يهاجمون الإسلاميين ومنذ البداية ودون مبررات أحياناً، نعم أشهد علي ذلك وهذا للإنصاف، لكن أخلاق الإسلاميين وأهليتهم للقيادة تتطلب منهم ألا ينزلقوا لنفي المنزلق، ويلتزموا الحياد في الرد والهجوم، علي الأقل حتي لا يتمزق الصف ونصير كالهشيم المحتظر في عاصفة تصفية الثورة.
المجلس يريد ديمقراطيه ماكيت، حرية كده كده، دستور "بص العصفورة" مجلس يتكلم ويبعبع لكن يكون المجلس العسكري هو سيد قراره. المجلس ينتخب لكن العسكري يعين الحكومة. انتخابات نزيهه لكن في وجود مميزات وصلاحيات "غير نزيهه" تضمن له استمرار المنافع اللتي كان يحصل عليها ايام مبارك.
المجلس يده ملوثة بدماء المصريين وقد وضعنا جميعاً في مأزق شديد الوطأة، فالناس لن تسكت إلا بعد حساب القتله وفتح القديم والجديد، والمجلس لن يترك السلطه طرفة عين إلا بعد التأكد من استحالة محاسبته، بمعني أدق يعني تكون له السيطرة الكاملة وصلاحية تكميم الأفواه وخرس الأصوات وهذه حالة تصادمية لامحالة وكلنا الآن ننتظر هذا الصدام الغير متكافيء بالمرة ولو حدث فليس لها من دون الله كاشفة. المجلس لن يقبل بالشعب الحر لأنه يعلم أن هذا الشعب سيضع قادته في قفص واحد مع مبارك. والشعب لن يقبل بالديكتاتورية والمستقبل المبهم وعودة الفساد.
الإخوان يسيرون بروية وتؤدة ويعملون علي تخدير المجلس العسكري وطمأنته علي أمل التمكن من السلطة وبعدها يفتحون الملفات الصعبة ويقدموا المجرمين والقتلة للمساءلة، هذا لو كانوا يريدون إحقاق الحق وانفاذ أمر الله تعالي بالقصاص، هم يظنون أن المجلس سيقبل بهذا والمجلس لا يقل عنهم دهاءاً ولن يسمح لهم بذلك. ستنتهي القصة بنهايتين لا ثالث لهما، غما إذعان كامل للمجلس وتواطوء أو صدام كامل مع المجلس وثورة تقتلع اليابس والأخضر وعذاب وقتل وتشريد واعتقال وللأسف مافيش وسط.
بالنسبة لانتخابات رئيس الجمهورية لو سار سيناريو الغدر والانقضاض علي الثورة فاغتيال أبو الفتوح والبرادعي شيء متوقع، تزوير انتخابات الرياسه شيء متوقع، انقلاب الجيش في حالة فوز البرادعي أو ابو الفتوح شيء متوقع.
التصرف بغباوة وإعمال القتل في المتظاهرين في 25 يناير القادم شيء متوقع. إنسحاب القوات تماماً يوم 25 يناير القادم وترك الناس تهاتي مع نفسها في الشوارع لتفويت الفرصة علي الثوار هذا اليوم شيء متوقع.
اثارة القلاقل والانفلات الأمني شيء متوقع.
هناك شيء واحد فقط أنا واثق منه تماماً، سننجح، وسيزول الظلم والطغيان وسننتصر، كم تالمت من مشهد الشباب الضائع منذ سنوات وهو يقوم بالتحرش الجماعي في العيد في وسط البلد وكم انشرح صدري بمشهد الشباب بعد ذلك وهم يقفون عاريي الصدور أمام الرصاص والمدرعات ويصلون صفاً متماسكاً وهم يرشون بخراطيم المطافيء في جمعة الغضب. كم تألمت وأنا أري جيش مصر يسحل النساء ويضرب اجسادهن الواهنة العارية، لكنني أري أن الله سيستبدلهم كما استبدل شباب التحرش بشباب التحرر وسأري جنودنا يوماً ما وهم يرفعون الرايات علي قباب الاقصي، ثم لا يكونوا أمثالهم.
الحل الوحيد هو تضافر جهود الثوار والإخوان، الثوار وكل الطامحين للحرية يخرجوا للمطالبة بالحرية وتسليم السلطة والإخوان يضعون جدول مكثف وعاجل لتسلم السلطه بلا أي تنازلات أو مداهنات. هل ممكن لهذا أن يحدث؟ لابد لهذا أن يحدث، لأنه بدون ذلك قول علي ثورتنا السلام.
احتفظ بهذه الكلمات وراجعها وفكر فيها واحزم أمرك، اياً كان ما سيصل اليه تفكيرك، يجب أن يكون لك دور، الأيام القادمة لن يكون هناك حزب الكنبة، سيكون هناك ثورة وثورة مضادة فاختر في أي المعسكرين ستكون.