المستحيل والصعب واللا معقول يظلون كذلك حتي يشاء الله فيقول لكل ذلك: كن فيكون!! فسبحان الملك القدير!
كم من مستحيل رأيت في حياتك حتي جاء يوم ورأيت ذلك المستحيل يتحقق أمامك وأنت تتعجب من تصريف القدر؟
رجل في أقصي طرف العالم يؤمن أن لهذا الكون إله واحد وأن نبيه ورسوله الخاتم اسمه محمد، علمه أباه ذلك وتعلم أباه ذلك من أجداده، وهذا كل ما يعلمه هذا الرجل الذي يعيش في بقعة بعيدة منعزلة في مجاهل أفريقيا، حيث الإنترنت حلم بعيد المنال، بل جهاز الكومبيوتر نفسه حلم صعب المنال، لا يوجد من يعلمه أو يجيبه عن أسئلته في دينه، بل هو حتي لا يعرف ما فروض هذا الدين وكل ما يحمله في قلبه من كتاب الله هو الفاتحة وقل هو الله أحد!!
كان يقلب بصره في السماء ويتوجه بفطرته إلي خالق الكون ويدعو بدعاء واحد بإخلاص وإلحاح، اللهم يسر لي أو أرسل لي من يعلمني ديني، اللهم دلني بك عليك، اللهم ارزقني شرف أن أكون عبداً لك كما تريد.
كم خنقته العبرة وهو يرثي لحاله فهو لا يدري كيف هي صلاة المسلمين ولا فروض الإسلام، لم يكن يحمل من الإسلام إلا الشهادة بالوحدانية لله وللنبي بالرسالة. ويطلع الله علي حال عبده الباحث عن الحقيقة ويشاء الله ويا عظم المشيئة ويالقدرة الله حين يقول للشيء " كن ".
رجل آخر في الطرف الآخر من العالم يعمل في مجال بيزنس الدواء، يعيش حياته بين الأسفار ويطوف البلدان الراقية ويعيش في المدن الراقية ذات الطابع المتسارع للحياة، مسلم يعلم من دينه ما تصح به عبادته ويؤدي به الفروض ويتقرب الي الله باليسير من النوافل، يلمح الله في قلبه الإخلاص والإنابة فيختاره الله ليهدي به الرجل الآخر الذي يعيش في مجاهل القارة السمراء. في تصريف غريب وفريد للقدر تقرر شركته البدء في مشروع خدمي علي غرار " اتجنن " الذي تنظمه كوكا كولا، تقرر الشركة ارسال فريق لها إلي منطقة نائية فقيرة في إفريقيا لتقديم بعض الخدمات الطبية والتوعية لأهل هذه المناطق ويتم اختياره ضمن فريق العمل لهذه المهمة. يسافر وهو لا يدري ما ينتظره هناك.
وتتجلي مشيئة الله فيلتقي الرجلان الغرض خدمة طبية ومراد الله هداية نفس واستنقاذها من النار!!!!
يلتقيان، يتعرفان، يقول المسلم العالم لصاحبه الذي يعيش علي الفطرة: انت مسلم؟
فيجيبه نعم، لكنني لا أعلم عن الإسلام شيئاً، وهل أنت مسلم؟
• نعم
• تعلم كيف تصلي؟
• نعم، وأنت؟
• أنا أنتظرك منذ ثلاثون عاماً!!! كنت أدعو الله أن يرسل إلي مسلماً يعلمني ديني وها أنت أتيت، علمني كيف أصلي.
وهنا يبدأ في تعليمه الصلاة عن طريق الشرح بفيديوهات مخصصة للأطفال، يعلمه الوضوء والطهارة والغسل، والآخر يسأل بنهم وشوق عن رمضان وصيامه ويتعلم عن الزكاة والحج.
كلمات بسيطة تعلمها وطار بها فرحاً كطفل يحمل لعبته المفضلة أو قطع الحلوي التي يحبها.
الرجل الأول يحصل علي كنز " لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم" (مثل الرولز رويس والماي باخ علي أيامنا كده)
والرجل الثاني يحصل علي كنز " أفلح إن صدق"
علي فكرة، هذه القصة بتفاصيلها حقيقية ولولا إصرار صاحبها علي عدم الكشف عن هويته لفعلت.
عندما قص علي صديقي هذه القصة تذكرت كم نفس فلتت مني وقد التقيتها في سفر، تذكرت زميل العمل رستم من كازاخستان الذي لا يصوم رمضان، تذكرت كل زملائي الأتراك تقريباً الذين لا يصلون ولا يصومون ويشربون الخمر بل ويأكلون لحم الخنزير بلا أي مبالاه، تذكرت زميلتي الروسية من باشكيريا المتزوجة من مسلم وأخبرتني أنه لا يصلي ولا يصوم وتسألني هل هذا واجب في دينكم؟ كم نفس غارقة مرت علينا مرور الكرام دون أن نكلف أنفسنا عناء استنقاذها من الهلاك؟
كم من نفس حائرة لا تجد من يأخذ بيدها، وكم من نفس لديها العلم ومصادره وعدة نسخ من القرآن لكن للأسف لا يعملون به ولا له ولا يتجاوز القرآن حناجرهم.
ليتنا نأخذ الإسلام علي بساطته إلي حيز التطبيق ولا ننأي به عن أصله بتعقيد منفر يحيد به عن المعاملة الحسنة ويحيد بنا عن القدوة الحسنة.
لا حول و لا قوة الا بالله
ردحذفكم من نعمة مغبونون بها