الثلاثاء، 28 مايو 2013

أشرف الطريجي


من الشخصيات التي لن أنساها منذ الطفولة " أشرف الطريجي " فلقد كان له أسلوب خاص منذ نعومة أظافره وهو أسلوب " الاستهبال التام أو الموت الزؤام ".

لا زلت أذكره ونحن بين السبع أو الثمان سنوات من العمر ونحن في خضم مبارياتنا الكروية بالكرة الشراب المدكوكة بدقة وهو يقطع الملعب جيئة وذهاباً لا يلوي علي شيء فلا هدفاً أحرز ولا باصة أبقي!!
كان ذلك قبل طغيان التوحش العمراني فكنا نلتقي للعب في ساحات مفتوحه علي الأرض الخصبة، كانت الدنيا هادئة وساكنة إلا من صرخات أشرف التي تمزق وقار هذا الهدوء الكوني، " باصي...باصي.. باصي ياله؟؟؟ وتحت ضغط الزن يضطر الطفل المسكين إلي إعطائه الكرة، فينطلق بها بلا أي خطه ليصطدم بأول لاعب في الفريق المنافس ويطرحه أرضاً ( ماشاء الله كان جته) ثم يصيح في سذاجة مفتعله " فاول " وبكل برود يضع الكره لينفذ هو ضربة الفاول!!! مع ان هو اللي زاقق؟؟!!

وكانت متعة أشرف الوحيدة هي أن يعترض أحد لاعبي الخصم علي تصرفاته، فيحتضن الكره ويقربها من صدره وهو يصيح مبتسماً ايه مش شايفها؟ دي واضحه زي الشمس، ثم يستدير وهو يبتسم ببلاهه ويهز رأسه يميناً ويساراً ويده تمتد لكل من يلاقيه في طريقه علشان " يزغزغه " وهو يصيح "اييييييه ... افهموها بقي ".

في البداية كنا نعترض ونوقف اللعب ويشتد احتجاجنا، لكن أشرف ولا هو هنا، كأننا هواء أو نسيم عليل يداعب وجنتيه الرقيقتين ومشاعره الخلابه، كان يستمع لاعتراضاتنا كأنه يستمع للسيدة أم كلثوم أو العندليب الأسمر.

فبدأنا نهدأ شيئاً فشيئاً، حتي تطور الأمر فكان أحدنا يحرز هدفاً ونجري ويحتضن بعضنا بعضاً، فنجد أشرف الطريجي بكل هدوء يضع الكرة بجوار الحارس ليلعبها ضربة مرمي، والويل كل الويل لمن يعترض منا، يصيح فيه وهو يجري نحوه كالأرنب الرومي مثيراً للغبار " إييييييه، مش جوووون!!" دي واضحه زي الشمس!!

وبدأ اشرف يكسب أرضاً يوماً بعد يوم، حتي تطور الأمر فأصبح يطيح بالكره خارج خطوط التماس فنجده يجري ويصيح منتشياً " جووووووووووووووووووووووون " يا لعيب يا أشرف، يا مجننهم يا أشرف" ثم يذهب لاحضار الكرة من الآوت ويضعها لنا في منتصف الملعب علشان نسنتر؟؟؟!!

ومع الأيام زاد تسامحنا وزاد استهبال أشرف، حتي عقدنا اتفاقاً أن نتركه يفعل ما يشاء ويقرر ما يشاء، علي أن تكون لنا حساباتنا الخاصة، ونتيجتنا الخاصة للمباريات بغض النظر عما يفعله أو يقرره أشرف، حتي لو اضطرنا ذلك لتغيير بعض قوانين الكرة من أجل أن تستمر حياتنا، فقد كنا وقتها أطفالاً ومش متعودين علي لعب العيال ده!!

ظل أشرف يغرد خارج السرب منفرداً، حتي جاء يوم وسكن في حارتنا أحمد الصعيدي، واد دمه حامي ومابيحبش الحال المايل، تعرفنا علي أحمد وضممناه للفريق، ومع أول كره تطلع آوت من قدم أشرف اتجه صائحاً كعادته " جوووووووون " وأتي لنا بالكره لخط السنتر، نظر إلينا أحمد الصعيدي متعجباً وقال " بس دي آوت عاد؟!" فقال له أشرف " انت ايه مابتشوفش؟ دي جوون! ومد يده ليزغزغ أحمد كما كان يفعل معنا، فاذا بنا نسمع طرقعه أسرع من الضوء نصفها علي خد أشرف والنصف الآخر علي رقبته، إنها صفعة الحياة التي أعادت الأمور إلي نصابها وأعلمت أشرف علي يد محضر أن عصر الهبل والسبهلله قد انتهي، وأنه يجب أن تعود قوانين اللعب التي يعرفها البشر إلي أرض الملعب.

ومن يومها تغير أشرف 180 درجة، ومع كل لعبة مشكوك فيها ينظر إلي أحمد مستفهماً في وجل وهو يقول " إيه؟" فيشير له أحمد اشارة بيده إما آوت فيرضي راضخاً أو هدف فيجري وهو يصيح في أدب ولاد مصر الجديده "هيييييييه".

رحم الله أحمد الصعيدي، هو من نبهنا إلي أن الدلع المرء ماينفعش بين الرجاله، أو كما قال باكوس " كان لازم أشرف ياخد غلوه خفيفه زي القهوة.... علشان يدينا الوش الصح"

ستسألني ما علاقة أشرف الطريجي وأحمد الصعيدي بما نحن فيه الآن من أحداث ساخنه؟ سأجيبك، يبقي انت مافهمتنيش، ارجع اقرأ التدوينه من الأول وانت تعرف انها Up to date.

هناك تعليق واحد:

  1. كنت خايفة لتقول تعالى و انا اقولك
    وزير الإعلام ستايل
    قلنا الإيد المرعوشة بتدلدق الطبيخ قالوا لي دا طباخ شاطر

    ردحذف