الأربعاء، 16 مايو 2012

الساطور أولاً



أكبر جرائم الدنيا ترتكب اما باسم الرب أو باسم الحب، وأعجب ما في ثورتنا أنها نجحت بسبب الكراهية، الكراهية لمبارك وحدتنا جميعاً فوقفنا ضد القهر وضد الموت والدهس والرصاص صفاً واحداً.

ثم جاء حب مصر ففرقنا الي أشتات يشتهي كل منا لحم الآخر حتي ولو كان ميتاً، وباسم حب مصر امتلأت قلوبنا بالكراهية ثم تطورت الكراهية من فرط حبنا لمصر إلي بغض ثم إلي حقد أسود لا يرجع إلي منطق ولا يستمع لضمير.

تناسينا عدونا كالبلهاء ثم انطلقنا يستل كل منا سكيناً ليغرسه في قلب الآخر. أصبح لكل منا معركته الخاصة فمعركة الآخر لا تخصه، اتجهت بوصلة كل منا الي وجهة مختلفة فضاعت قبلتنا وتاهت.

أصبح دم الليبراليين لا يعني الاسلاميين في شيء، ودماء الاسلاميين لا تعني الليبراليين في شيء. أصبح لكل منا منبر وصينية وميدان وهتاف منفصل، فتحولت أنشودة الثورة العذبة إلي نشاز بحت، وخفت هديرها الفتي فأصبح كأنات عجوز يحتضر.

أخطأ الإخوان حين عبروا الخيط الفاصل بين التقية والتواطؤ مع العسكري، والليبراليون والقوي الثورية سقطوا حين امتطوا حصان دماء الشهداء ليقطعوا الطريق علي الاسلاميين حتي لا يصلوا للحكم.

والآن والمركب تغرق بمن فيها يصر كل طرف علي إغراق الآخر أولاً حتي لو كانت النتيجة غرق الجميع معاً.

حينما يخطئ الإخوان فلنذبح الإخوان، فالنهريق دماءهم علي مذبح الحقد قرباناً للشيطان، فنري الهجوم والتشويه عليهم أصبح غاية ولذة وتشفي لا يخضع لوازع أو أخلاق وللأسف من ناس مثقفه ومتعلمة ومحترمة.

واذا تمكن الإخوان فليذبحوا الليبراليين، فهم أعداء المشروع الاسلامي وكارهيه.

لماذا يصبح كل منا وهمه تشويه الآخر والهجوم عليه وقلب كل مواقفه بالسلب ويصر علي استبعاده من الطريق؟

لم يعد العدو في حاجه لتدميرنا، فنحن نقوم بهذه المهمة علي أكمل وجه.

نفعل كل هذا وعدونا يجمع العدد والعدة وينظم الصفوف وهناك ما يشبه المصلحة المشتركة بين نظام مبارك الفاسد والمنتفعين من حزب المصالح والرشاوي والواسطة والمحسوبية، وكل من كان ينعم بالظل الظليل والنسيم العليل في عهد الفساد، فان جاءهم سليمان ناصروه وان ظهر لهم شفيق باركوه وان أتاهم موسي علي الأعناق حملوه، فهم يدركون تماماً ماذا يريدون.

أقول لكل المعتركين علي حب بهية: هل تذكرون محاكمة مبارك؟ موقعة الجمل؟ ماسبيرو؟ محمد محمود؟ مجلس الوزراء؟ هل تذكرون مئات الشهداء يوم جمعة الغضب؟ بل هل تذكرون مذبحة بورسعيد في العهد القريب؟

بالطبع لا فالكل لا يذكر الا الآخر بعد أن أصبح لكل منا قائمة غرماء خاصة ربما لا يجد فيها المجرمون الحقيقيون مكاناً.

أيها المحبون رويدكم، ضعوا خناجركم وأفيقوا وانظروا في الخطر المحدق بكم، أيها الليبرالي عدوك ليس السلفي المتحمس من أنصار أبو اسماعيل ولا الاخوانجي الذي عاهد علي السمع والطاعة. وأنت ايها الاسلامي، فعدوك ليس البرادعي ولا حمزاوي ولا 6 ابريل ولا النشطاء الثوريين، كلكم تريدون نفس الغاية: أن تنهض هذه البلد وينهض شعبها، أن يعود لها وجهها الجميل وريادتها، أن يعود لقاعات جامعاتها وقار العلم والأدب والفن. أن تعرف هذه البلد المنهوبة المنكوبة دروب البحث العلمي وأن تعطي الحرية للعلماء والباحثين بدلاً من اعطائها لكل رقاص وهجاص وهزاز.

إن أبينا الا أن نفترق من أجل مصر فاليكن افتراقنا افتراق الفرسان النبلاء، أيها الفارس المناضل تحت راية المرجعية الاسلامية، أيها الفارس المناضل تحت راية الحرية والليبرالية، وانت ايها المستقل الحالم بغد أفضل فاليكن كل منكم عف اللسان، يقظ الضمير، نزيه الوجدان، ان سحبت سيفك فاليكن في وجه من قيدونا وسلسلونا واهانونا، وان استللت خنجرك فاليكن في صدر من خان وقتل وحرق ونهب وسلب واغتصب أمان الشارع ودفء الدروب وليس في صدر أخيك المقهور مثلك.

يامن كان كتفه في كتفي وقلبه في قلبي ويده في يدي في أجمل 18 يوم تزين بها تاريخ مصر، يامن رقصت قلوبهم طرباً لأغنية الكينج "ازاي بتزيدي في حيرتي" لماذا تزيدون في حيرتها اليوم؟ يامن صب لي ماء الوضوء ثم ذهب لينشد ترانيم المحبة، يامن قطعت لي الأحجار سلاحاً ضد مطلقي الرصاص وتشققت يداها الناعمتان في ليالي الجهاد الأكبر، لماذا تقذفينني بأحجار الفرية اليوم؟ يامن صليت وسجدت علي أرضية الميدان واخضلت لحيتك بدموع التبتل والرجاء لله أن يزيح الطاغوت، لماذا تسيل اليوم دموع من دعمتك بسهام الإقصاء؟

يا فرسان الثورة - واياكم أن يدعي أحد أنها من صنعه وحده – عليكم بالنزاهة والنبل والصدق، واياكم والفرية والكذب والتشويه بالباطل، وأنتم يا فرسان الفيس بوك والتويتر، يا وقود الثورة الإليكتروني، بالله عليكم راجعوا أنفسكم قبل نشر تعليقات وأخبار وفيديوهات الفتنة والتمزق والسخرية والتشويه والتهكم.

الوطن يتسع لنا جميعاً ومصر أم لنا جميعاً ولن تعلو وجهها الابتسامة الحقه الا وكل أبناءها وطوائف شعبها في الصورة سواسية، عليكم بالتعقل وإعادة توجيه بوصلة تحديد العدو، عدوكم هو بقايا النظام الذي أسقطناه بأزكي دماء لدينا، عدوك ليس زميلك الذي يحلم بنفس حلمك ولكن من منظور مختلف.

إذا حددنا من هو عدونا الحقيقي، عندها فقط سنهنأ بحب مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق