الاثنين، 2 أبريل 2012

تفتيح الأذهان لفك طلاسم الإخوان


قبل أن أجيب علي أي تساؤل خاص بمواقف الإخوان يجب أن نتناول هذه التدوينة أولاً لأن الموضوع ليس بسيطاً كما يعتقد البعض. ثانياً لأن معلوماتنا عن الجماعة سطحية الي حد ما.

أسس الإمام البنا جماعة الإخوان في وقت انتشرت فيه الصوفية أو الاتجاهات الهامشية التي تأخذ من الدين قشرة من القشور أو جانباً من الجوانب، ومنذ ذلك التاريخ والشيخ البنا يرسم ملامح جماعة من أفضل الجماعات المؤسسية الشاملة التي تأخذ الدين علي محمل الجد والتنفيذ. وبما وهبه الله من بصيرة نافذة وابتسامة صافية ورؤية ثاقبة استطاع ارساء دعائمها وجذب الكثير من القلوب المؤمنة لها علي مدي الفترة القصيرة التي عاشها.
 ولكن حتي أيام البنا كان هناك من داخل الصف من لا تتحقق فيه صفات منهجها القويم الراسخ وهذا هو الدرس الأول الذي يجب أن نعلمه عن الإخوان، فالإخوان ومنذ نشأة الجماعة ليسوا مية واحدة ولا هم متساوون في الصفات، الإخوان فيهم العاقل المتزن الشريف ذو الفهم الصحيح، المنكر لذاته المحب لدعوته المخلص في توجهه ومنهم الوصولي والهجومي والديكتاتور والباحث عن المصلحة فاذا أردنا أن نقيم الجماعة يجدر بنا أن نعلم منهجها لنحكم علي الذين ينتمون اليها ويتحدثون باسمها.

تعرضت الجماعة ومنذ نشأتها الي الحرب والتشريد والتعذيب والاعتقال والتشريد فتحمل أفرادها ذلك ببطولة وكان لقادتها مواقف مشرفة ولن ينسي التاريخ موقف المرشد حسن الهضيبي وقت فتنة التعذيب الرهيب أيام عبدالناصر وبدء موجة التكفير في صدور كتابه "دعاة لا قضاة" والذي أوقف فيه مد هذه الفتنة الرهيبة.
وكانت الجماعة طوال مشوارها يدفع أفرادها الثمن غالياً بثبات وكان لا يدخل السجون إلا أفضل أفراد الجماعة وأخلصهم فأفرز ذلك علي مر الزمن أفراداً علي درجة أقل من الفهم والثبات ومع الضربات المتوالية للجماعة أصبحت القدرة التربوية والاستيعابية للأفراد الجدد أقل وهذا هو الدرس الثاني الذي يجب أن نتعلمه انه ليس كل الإخوان مروا بتجارب التمحيص والغربلة والاختبار. وهذا يفسر ما نراه الآن من اضطراب وقصور في الرؤيا في قرارات الجماعة خاصة في ظروفنا الراهنة.

ونظراً للضربات المتوالية لجأت الجماعة للتدريب علي التخفي والتورية والمراوغة وتجنب الصدام حتي تحافظ علي كيانها من التصفية الشاملة كما حدث مرات عدة في الماضي وهذا يفسر موقفهم المعلن في بداية الثورة بعدم المشاركة، فلما اكتسبت الثورة الزخم اللازم للدفع بقوة انضمت الجماعة رسمياً لركب الثورة يوم 28 يناير ولولا بسالة أفرادها وثقلهم يوم موقعة الجمل لتغير تاريخ الثورة ولكنا الآن نري صور جمال مبارك بدلاً من بوسترات أبو اسماعيل.
 ومن هنا نتعلم الدرس الثالث عن الإخوان، فهم لا يتحدثون مباشرة ودائماً يشعرون أن ثمة ما يدبر في الكواليس وأنه من الأفضل عدم إعلان نواياهم للناس خارج حدود الجماعة خشية المؤامرات والدسائس، فيستخدمون معنا أسلوب التورية أو التعمية ويحتفظون بأجندتهم الحقيقية غير معلنة ووقت الجد يخرجون بها، قد ينفع هذا مع أمن الدولة والحزب الوطني لكنه يكون صادماً ومؤلماً للناس البسطاء الذين لا يجيدون فك طلاسم الأفلام البوليسية والجرائم الغامضة بتاعة هيتشكوك.

تدرب الإخوان علي العمل الطلابي والنقابي حيث مجال المنافسة ينحسر بينهم وبين أمن الدولة ومن يمثلهم، فكانت خطتهم هي سحق المنافس وعدم فتح الباب لأي منافس للفوز أمامهم ربما يكون دسيسة أو ذراعاً لأمن الدولة وهم محقون في ذلك، فلم يكن أي من الطلاب يريد الزج بنفسه في صراع سياسي لا يفهم أبعاده، وهذا هو الدرس الرابع الذي يفسر السلوك الإقصائي للإخوان وسعيهم لتأمين نفسهم بالسيطرة علي مقاليد الأمور بداية من كرسي المجلس ومروراً بالحكومة وحتي كرسي الفيفا مش ها يعتقوه لو وصلوا له.
 ولا أخفي عليكم سراً ان أي فصيل أو حزب لو حصل علي أغلبية برلمانية كان سيفعل ما فعله الإخوان وأكثر وأولهم الليبراليين الذين يملأون الدنيا صراخاً علي الديموقراطية، فلو فاز الليبراليون بأغلبية في المجلس كانوا سيجردون الإسلاميين من كل شيء حتي كرسي الحمام، وهذه هي الثقافة التي زرعها حكام العسكر بداية من الزعيم الملهم بالأمس وحتي الزعيم المسلطح بنظارة الشمس.

وسبب صدمتنا أننا توقعنا أن يكون الإخوان مختلفون عن باقي القوي السياسية، توقعت أن يفسحوا المجال لثلاثين أو أربعين من شباب الثورة فيساندوهم حتي الوصول للبرلمان فإذا بهم يضيقون الخناق علي مصطفي النجار الغلبان الوحداني وحرقوا أمامه واحداً من أكثر الرجال احتراماً د/محمد يسري!
توقعت منهم أن يساندوا القوي العشوائية الناشئة مثل 6 ابريل وكفاية فإذا بهم يصفونهم بالبلطجة والتهور والسفه ويغضوا الطرف عن التصفية المنظمة التي انتهجها المجلس في حق شباب الثورة، بل لقد رأيت علي بعض بروفايلات الإخوان بوستات للجان الإليكترونية تقدح في عرض أسماء محفوظ وتخوض في سيرتها ورأيت البوست الشهير للكاتبة المجهولة التي توجه خطابها ل "المعتصم السلمي الشريف" وتخبره أنه حين يري هراوات الجيش واستخدام القوة المفرطة فاليعلم أنها هي التي أرسلت هذا الجيش لكي يسحله ويضربه ويقتله ويعري جتتة أهله وصعقني كم اللايكات التي جمعها هذا البوست من أفراد الإخوان وكأنه لا يوجد اختراع اسمه خراطيم مياه أو خيل مدربة لفض اعتصام هذا المعتصم السلمي المسكين، لهذه الدرجة أخذتكم العزة بالإثم يا أطهر شباب في مصر؟ ما الذي حدث لكم؟ ما الذي حدث لثوابتكم؟ ما الذي حدث لكم يا درع الأمة وحماتها؟ أين أذكار الصباح بين أشجار العامرية وأذكار المساء بين نجوم سماء السويس الصافية؟ أين ذهبت ترانيم "تهون الحياة.... وكل يهون... ولكن اسلامنا لا يهون... نضحي له بالعزيز الكريم ومن أجله نستحب المنون؟ أين عهدنا لشعبنا بالتضحية من أجله؟ فإذا بنا نضحي به علشان مكتب الإرشاد يعيش!

الدرس الخامس هو منهج الإخوان العميق المتكامل الذي يدرس فيه الأخ علوم الدين المبسطة وأصول الفهم السياسي والاجتماعي فيشعر بالاستعلاء وأنه لديه ما ليس لدي الآخرين وأن باقي الناس خارج الجماعة إما مساكين لا يفهمون أو نظريين لا يعملون، ثم الميل للعزلة وعدم مخالطة الناس وفهم احتياجاتهم واستيعابهم فيقتصر تعاملهم مع من يقترب منهم فقط أو مع من يتشابه معهم في الميول وقليل جداً اذا ما انفتحوا علي من يخالفهم في السلوك أو التوجه وهذا سبب آخر من أسباب الإقصاء وعدم الاكتراث بالآخر فهم في النهاية غثاء كغثاء السيل لا يرقون لفهمهم العميق وتنظيمهم الدقيق.
وهذا يفسر لنا عدم اكتراث الإخوان برأي الناس فيهم، لأنهم يعلمون أن صناديق الاقتراع ستبتسم لهم كالعادة بغض النظر عن رأي الغوغاء. وهنا أتساءل، أين الإخوان الفاهمين؟ أين الأساتذة الذين تشربت أنفسهم بتعاليم الدين القويم وأخلاق النبي الكريم وتعاليم حسن البنا؟ لماذا هذا الصمت في حق ما يرتكب في حق مصر وأهلها من ظلم واذلال؟

المفتاح السادس لطلاسم الإخوان هو خلطهم بين السمع والطاعة في أصول العقائد ومعلومات الدين وبين التأييد للقرارات السياسية والرؤيا المرحلية عمال علي بطال، فهذه نقرة وتلك نقرة أخري وهذا يفسر دفاع أفرادهم المستميت عن قرارات الجماعة سواء كانوا مقتنعين بها أم لا. وغالباً لا يكون الدفاع عن الموقف نفسه بقدر ما هو دفاع عن الجماعة وكيانها.

وأعود لأؤكد أن في صفوف الجماعة عباد ربانيين ورجال مجاهدين مكافحين لكن هؤلاء غالباً أصحاب صوت ضعيف وتأثير طفيف والغلبة تكون للأصوات الأعلى وهي الشخصيات صعبة المراس التواقة للسيطرة ذات الطباع الغريبة حتي علي الجماعة نفسها.

ويبقي عامل مهم أخير وهو أن التحزب أصبح صفة غالبة والهجوم الشرس هو الذوق السائد بين الجميع الآن، وكل معسكر ينتقد الآخر عمال علي بطال وبمنتهي القسوة بينما يتمزق الوطن في المنتصف.

هذه مقدمة للتدوينة القادمة "ارشاد الحائر لترشيح الشاطر" فابقوا معنا.

هناك تعليق واحد:

  1. please Dear Diaa try to be an weapon to heal not to kill and dissect not all people will understand your opnion as what you want and the time now is critical and our old experience with brother should force us to help them and to guide them not to declare there mistakes

    ردحذف