الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

شكر وذكري الأربعين



بما أنني لست حاكماً عربياً ولا أنتوي، أراني قد اجتزت في يقيني منتصف العمر في الذكري الأربعين لقدومي للدنيا، وربما كان ما سيأتي أقل من اللذي مضي علي الأرجح ولا يعلم الغيب إلا الله.


أعود للحظة الأولي للصرخه الروتينيه اللتي يفتتح بها الوليد القادم للدنيا عرضه المسرحي وكأننا ندرك بالفطره مانحن مقدمون عليه. قطعة من اللحم الأعجم الأبكم لا سن تقطع ولا يد تبطش، وتمر الايام فإذا بنا نفترق في سبل الحياه إلي ملاك رحيم أوشيطان رجيم وما بينهما من ألوان لا تنتهي من الطباع كألوان الطيف.
نعيش في نزاع مستمر بين قوتين متضادتين قوة طبيعة الأصل الطينيه وسمو النفخه الربانيه فبمقدار جذب احدي القوتين يتشكل الكوكتيل الإنساني، حضرتي وحضرتك.


وما أجمل حلم الطفوله حيث القلب يقود ويحكم ويوجه ويعيش ويتذوق ويشم عبق الإنطلاق كعصفور فتحت له طبقات السماء فلا ممنوع ولا محجوب ولا حسابات للعقل والمنطق. ووظيفة العقل خلال هذه الفتره الإنتقاليه تقتصر علي توفير المتعه الحركيه للعضلات فتنطلق كالفراشه، وفتح الطريق علي مصراعيه لأساريرك واطلاق العنان لشفتيك فتضحك ملء قلبك وتتدفق أنهار السعاده فتروي حدائق البراءة في نفوسنا وتتفتح أزهار اللامعقول بمائة حلم وحلم بداية من خصلات شعر الاميره حتي امساك القمر بين قبضتيك الغضتين.


ثم تقذفك أمواج الفتوة علي شاطيء الواقع فتتسرب من بين اصابعك مياة البراءه وكلما أردت الإمساك بها بقوه زادت في تفلتها ويولد بداخلك شيطانك الصغير اللذي لا يألو جهداً في تقوية دناءة طبيعتك الطينيه وجذبك اليها والحيلولة دون سمو شمائل النفخة الربانيه فينحط بك من مصاف الملائكه ويهوي بك تحت مرتبة الأنعام ومايلبث أن يرديك في حضيض الخبث والخبائث.


هل حياتك تستحق المشاهده؟ هل تستمتع حقاً بهذا الشريط؟ هل تمنيت أن تقوم بإيقافه وتقص هنا وتمحو من هناك وتضيف هنا وتنتقص من هنالك؟


كم أنت رحيم بنا يا أرحم الراحمين أولاً أن هديتنا إلي الإسلام اللذي يجذبنا جذباً حثيثاً نحو نفخة روحك وطهر طباعها، فإما بهدي جميل وإما بابتلاء ثقيل. اربعون عاماً تساقطت من شجرة عمري المكتوب تحوي آلاف بل ملايين اللقطات، كم أنت رحيم يا إلهي فكم رزقتنا الهدي الجميل فسمونا ثم نسينا فهوينا فجاء بلاؤك يداوي قلوبنا ويحتضن أنفسنا التائهه وأتتنا نوائب الدهر فلم نجد مفراً منك إلا إليك، كم تقاطرت علي المحن فغسلت خبث طين المعصيه وكم هزمتنا دموع النوائب وفراق الأحبه فروت رقة قلوبنا وساقتها إليك منيبة مطمئنه.


أحب قصتي اللتي كتبتها علي يارحمن الدنيا ورحيم الآخره بحلوها ومرها بهمها وهامتها بفرحها وترحها، بكل تفاصيلها ولو عاد بي الزمن لاخترت لحظات الفرح بكامل حلاوتها ونشوتها ودفئها ولأحتضنت شخوصها بكل ماهم عليه وفيه بحب ورضا.

ولو عادت الأيام لاخترت أيضاً أن اعيش الآلام اللتي مررت بها بكل تفاصيلها كما كتبتها علي يا أحكم الحاكمين بكل جراحها ولتركت دموعها تنساب علي وجنتي قطرة قطره فأشكرك علي حرها ولفحها وأجري إليك بقلبي الكسير لتجبره وأدعوك لتمن علي بسلواك كيفما شئت وكيفما كتبت.

ولاخترت راضياً أن أقوم وأنكفأ وأن أهزم وأن أقاتل وأن أترك وأن أفارق، لا أجد فيما كتبت من همسة تنتقص ولا من لحظة تنتكس سبحانك أنت كما اثنيت علي نفسك، لا أحصي ثناءاً عليك، فقط أبرأ من ذنوبي وابرأ إليك من معصيتي وأدعوك لتحمل عني تجبري وظلمي للخلائق وإلا فإني في النار هالك ولطريق الجنة لست بسالك، أسجد إليك واضع ناصيتي بين يديك وأبرأ من حولي وقوتي إلي حولك وقوتك تباركت ربنا وتعاليت.

كيف أشكرك؟ ونعمك تحيط بي من كل جانب ورحمتك تكلؤني آناء الليل واطراف النهار وانا في رحمتك ونعمتك غارق وفي سهوي ولهوي عن ذكرك مارق؟ أشكرك واحمدك فاعني اللهم علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اربعون اعاماً قضيتها في ملكك، أعصاك فتصبر وأجافيك فتغفر وأنأي عنك وأقصر فتمهلني وتستر، تبتليني لتداويني فاشكو وأضجر وأخشي الخلائق كلهم وأنت تسمع وتبصر؟ فيالي من عبد آبق ان لم ترحمه بتوبة فأين المفر؟


إللهي أشكو إليك ضعفي فقوني في رضاك، ولا أقوي علي النار فارزقني عملاً ينجيني من الهلاك، وأرجو جنتك فأعوذ بك من فقر ينسيني أو غني يطغيني، اهدني لأجمل الافعال والأقوال لا يهدي لأحسنها إلا أنت.


اللهم إني أشهدك واشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أني رضيت بك رباً وبالإسلام دينا وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبياً ورسولا، ورضيت بكل ماقسمت لي وبكل حرف كتبت.


رب أوزعني أن أشكر نعمتك اللتي أنعمت علي وعلي والدي وان اعمل صالحاً ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين.


اللهم ان كنت قد افسدت فيما مضي فاصلح لي فيما هو آت وأحسن خاتمتي. اللهم ان كنت قد أتيت إلي الدنيا باكياً فاخرجني منها مبتسماً ومبشراً بروح وريحان ورب راض غير غضبان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق