الخميس، 29 ديسمبر 2011

الليبرالية المفتري عليها والمفترية علينا

 
 
*العنوان مقتبس من عنوان لكتاب للكاتب الراحل أنيس منصور
ثمره من ثمار الثورة ظهرت علي السطح وسمع بها المواطن العادي بل وصار لها أتباع أيضاً " الليبرالية".

دعني أقفز مع سعادتك إلي صلب الموضوع مباشرة، حضرتك زبون وليس هناك داعي لمقدمات الكتاب الكئيبة.

لو كان مفهوم حضرتك عن الليبراليين – علي اساس ان حضرتك غير ليبرالي- انهم هايقلعوا الست الوالدة الحجاب أو هايلبسوا البنات البكيني أو أنهم سينشرون الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وصاحبات الرايات الحمر في ربوع قريش، تكون تماماً كغلاة العلمانية ونواعير الإعلام المصري المراهق مهنياً عندما يصف وصول الإسلاميين للحكم أنهم سيمنعون القصير ويأكلون الشعير وسيشربون بول البعير، سواءاً بسواء.

ما دعاني لكتابة هذه التدوينة أني رأيت الشطط وكثرة اللغط فكان لزاماً علي ان اقول كلمة الحق لا سيما وأنني اختلطت ببعض الليبراليين الجدد فوجدت فيهم حباً وعشقاً لهذا البلد ومبادئ إنسانية جميلة وسعياً مخلصاً نحو نفس الهدف اللذي نسعي إليه جميعاً وهو إن مصر تكون أفضل. ليس هذا فحسب بل شاركت معهم في مدوناتهم وصفحاتهم اللتي تكافح لمحاربة الفساد ومساندة الثورة حتي تحقق أهدافها برغم إيماني التام بفكرة المشروع الإسلامي وياله من مشروع لو كان له رجال.

ساندتهم لأني رأيت فيهم وضوح الرؤيا والثبات علي المبدا دون مداهنة أو مواربة. رأيت شباباً فيهم أصالة النيل وعبق القرنفل وقلوباً تعزف دقاتها مواويل الحب لهذه البلد، لا يحملون أجندة إلا أجندة إصلاح البلد والقضاء علي الفساد وعودة الزمن الجميل والحفاظ علي تراثنا الجمالي والذوقي والمعماري والحضاري.

وقبل أن تمتعض من كلامي دعني أوضح لك أن هناك فرق كبير وشاسع بين العلمانيه والليبرالية، العلماني الأصيل يكره الدين فعلاً ويريد تحجيمه واقصاؤه والقضاء عليه ان أمكن، وبما أن العلمانية لا تجد رواجاً في مصر نظراً لطبيعة شعبها المتدين بالفطرة قد يتخفي بعض العلمانين وراء ستار الليبرالية وهذا سبب المشكلة، لهذا لا يجب أن نخلط بين الإثنين.

لذلك أمهلني من فضلك أيضاً لأخبرك أن اليبرالية نفسها قسمين:

القسم الأول وهم الليبراليون الكلاسيك وهم يؤمنون بالليبرالية كما نشأت في بدايتها وهي التحرر من القيود بما فيها الثقافية والسياسية والدينية أيضاً وهدفهم هو المضي قدماً بالمجتمع بغض النظر عن الافراد المحتاجين أو المعوزين أو الفقراء وهي في ذلك تضاد مبادئ الإشتراكية لأنهم يرون أنها وبال علي المجتمع. وهذا الإتجاه يسيطر عليه في مصر اليمين سواء الليبرالي أو الرأس مالي بعد هيمنة رجال الأعمال علي زمام القيادة ومن الليبراليين الكلاسيك د ممدوح حمزة والمستشار هشام البسطويسي ونجيب ساويرس والمخرجة إيناس الدغيدي وعمرو أديب. ويمثلهم الكتلة المصرية، وهذا النوع مفتري ومبدأه إقصاء الآخر خاصة التيار الديني، فإذا إختار الشعب التيار الإسلامي فالشعب جاهل ومغيب ومضحوك عليه ويجب الحجر عليه، وإذا لم ينفع الحجر فلا مانع من الإستعانة بماما أمريكا لإقصائه بل وذبحه إذا لزم الأمر. هذا النوع المفتري هو ما يوغر صدور المؤمنين بالتيار الإسلامي ضد كل ما هو ليبرالي. لهذا يجب أن نفرق جيداً بين هؤلاء وبين القسم الثاني حتي لا نأخذ هذا بذنب ذاك.

القسم الثاني وهو ما أحدثكم عنه هنا وهم ما يسمي بالليبراليين الجدد ويمثلهم تكتل "الثورة مستمرة" وحزب العدل، وهؤلاء هم ا لذين يفهمون الليبرالية علي انها مذهب سياسي واقتصادي معاً ففي السياسة تعني تلك الفلسفة التي تقوم على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية.

وبخصوص العلاقة بين الليبرالية والأخلاق، أو الليبرالية والدين، فإن الليبرالية لا تأبه لسلوك الفرد طالما أنه لم يخرج عن دائرته الخاصة من الحقوق والحريات، ولكنها صارمة خارج ذلك الإطار. أن تكون متفسخاً أخلاقياً، فهذا شأنك، ولكن أن تؤذي بتفسخك الأخلاقي الآخرين، بأن تثمل وتقود السيارة، أو تقبل فتاة في الشارع مثلاً، فذاك لم يعد شأنك بتاتاً. وأن تكون متدينا أو ملحداً فهذا شأنك أيضا. لكن أن تدعوا للإلحاد وتصادم قيم وعقائد المجتمع اللذي تعيش فيه فهذا لم يعد شأنك وحدك. باختصار هذا القسم يراعي القيم المجتمعية والدينية وموروثات المجتمع وعقائده ويضعون في إعتبارهم الطبقات الفقيرة والكادحة ويحترمون الرأي والرأي الآخر وليس لديهم اي مانع من الشراكه مع المتدينيين في بناء المجتمع شرط ان لا يصبح الدين أداة للتسلط والإقصاء والإستحواذ. ومن هذا القسم كما تعلمون جميعاً المصري الجميل المحترم د البرادعي وعمرو حمزاوي ووائل قنديل ومعظم شباب الثورة. هؤلاء ليس لديهم أي مانع من التعاون مع التيار الإسلامي بشرط ضمان وسلامة مبدأ حرية الفرد والرأي. لذلك فافتحوا قلوبكم لهؤلاء وكلامي هنا موجه للتيار الإسلامي وانصاره، من فضلكم لا تأخذوا العاطل في الباطل.

ونصيحتي لليبراليين والإسلاميين؛ لن يستطيع فصيل منكم إقصاء الآخر فلكل أنصاره ولكل برنامجه فحري بنا أن نوحد الجهود وأن نتضافر لمواجهة التحديات اللتي تنتظرنا، فالشعب لن يأكل أيديولوجي ولن يشرب شعارات. والإقتصاد لن يتعافي بالندوات، والمشاكل المتراكمة لن تحل بالتلاسن والمناظرات.

صديقي الليبرالي، أخي الإسلامي وراءكم جبل من الصخر وبلد منهار فالننحت في الصخر لنبني به البلد المنهار لا ليقذف بعضنا بعضاً بالأحجار.

الخميس، 8 ديسمبر 2011

قاهر الإنفلات




كل الأحداث و الأسماء الآتية في هذه القصة حقيقيه وأي كاتب يدعي التشابه بين أحداثها ومؤلفاته، يبقي بيستعبط بصراحة.
د محمد صبري مواطن مصري مسالم يؤمن بعدم الخروج علي الحاكم، لكن لو الحاكم زودها حبتين، هايخرج وامره لله وياخد الولاد كمان علشان يشموا هوا.
بعد عناء يوم طويل ومضني عاد أخصائي الأورام د محمد صبري إلي بيته، الساعه قاربت الواحدة ونصف صباحاً. دلف إلي البيت فوجد السيناريو ذاته، أم الأولاد – ككل الزوجات المصريات – انهارت قواها بعد مهابرة يوم طويل ومتابعة للأولاد فاستسلمت للنوم وتركت له كالعاده وجبة الغداء أو العشاء او بمعني أدق إفطار اليوم التالي أيضاً، الوجبة مغطاه والندي يتكثف من طول الإنتظار والملل علي جدار نايلون التغليف اللذي اصبح من تراثيات العائلة المصرية المعاصرة.
دخل إلي الصالة ليلقي بسلسلة مفاتيحه علي المكتب ممنياُ نفسه بدش ساخن يزيل معه هردبيسة الكفاح المتيبسة علي جتته، فإذا به يسمع صوت خروشة تأتي من خلف الشباك، صبري انسان مليء بالإحساس المرهف، ظن أنها قطة محسورة فلربما احتاجت الي طعام أو قليل من اللبن، أو ربما كان فأراً نرويجياً قذراً يحاول اقتحام المنزل، لم يترك صبري المجال للفوازير والتخمين، فتح الشباك ليقطع الشك باليقين، فإذا بالاحداث تاخذ منحي آخر، كم قميص يظهر من خلف التكييف، نعم، إنه لص، تسلق الجدار علي أجهزة التكييف باحثاً عن الغنيمه.
من هنا تحول صبري النبيل الطيب إلي أقطاي متوحش، أسرع إلي الطبنجة اللتي داخ السبع دوخات حتي يحصل لها علي ترخيص، حشاها بالرصاص وذهب إلي الشباك فوجد اللص مصمماً علي المضي قدماً في طريقه، قام صبري بإطلاق عيار في الهواء لعل صوت الرصاص القوي يرعبه، انطلقت الرصاصة لكن اللص لم يحرك ساكناً، لم يعلم صبري أن اللص قبل نزوله كان واخد الإصطباحه، والإصطباحة لدي الهجامين عبارة عن كوكتيل من أبو صليبه وقرصين ترامادول ونصف زجاجة بالمولار وقرص أتيفان ويذاب هذا الكوكتيل في زجاجة بيرا ستيلا ويطلقون عليه "رضعة القرد" يتناولها الهجام فيتداخل لديه الزمان والمكان بما يشبه ام علي بالمكسرات فيفقد لاتصال مع العالم الخارجي ويصبح بالنسبة له كفيلم كرتون وهو ممسك بالريموت فيصعد أجدع عماره كالبرص الجسور.
لم يجد صبري بداً من الصراخ في اللص وتهديده فإما يتراجع وينزل أو يضرب في المليان، لكن اللص لم يستجب، فأطلق صبري الرصاصه الثانية في الهواء، اللذي لا يعلمه صبري إن رضعة القرد بتطلع بس، يعني مصممه للمساعده علي الطلوع وليس النزول، فاللص الشهم لا يتراجع ابداً وهذه هي روح الثوره اللتي غيرت طباع المصريين حتي اللصوص ايضاً.
لكن صوت الرصاص يصنع الفرق، إختل توازن اللص وسقط في المنور، أسرع صبري إلي أسفل فوجد الجيران قد هرعوا إلي مكان سقوط اللص وعاد إلي الأذهان حنين اللجان الشعبيه ووقفة الرجاله فانهالوا علي اللص حتي أشبعوه ضرباً وأوثقوه بالحبال، مافيش أحسن من كده.
الجزء الثاني بدأ داخل القسم، المشهد علي الضباط مشغولين بالبلاك بيري والتويتات، والنصيحة جاءت لصبري من الباشا، ألقه في الطريق ينزف حتي الموت او روح الدمرداش، طبعاً صبري الحسيس الملتزم لا يمكن يلقي اللص ليموت وبما أنه هارش الدمرداش لم يحبذ هذا الحل لأنه ممكن يلبس قضية وهو سايب ايده. وأصر صبري علي ان ياخذ الأمر مساره الرسمي، واختار صبري الطريق الشاق، إسعاف ومحضر ونيابه وتحقيق، وبعد عناء يوم طويل وبهدله عاد لمنزله وهو يقلب الأفكار في رأسه، شعوره يختلف تماماً عن شعور زملاؤه في الجروب اللذين يعيشون في بلاد العم سام اللذين ينادون باسقاط المجلس، او اولئك اللذين يعيشون في الخليج وينادون بإشعال الثورة من خلف الكيبورد، يحمل في قلبه قلقاً علي اسرته، ماذا لو كان اللص بلبع رضعة القرد بدري ساعتين وهو لم يصل بعد للمنزل؟ إلي متي يعيش في هذا القلق والخوف؟ إلي متي يلعب دور الأب والطبيب وعقيد الشرطه؟ متي يعود الأمان كما كان؟
وأخيراً دخل البيت يلملم بقايا قوته وقبل أن يلقي بجسده علي الأريكه، هرعت إليه أم الاولاد لتطمئن عليه، ثم استطردت: معلش يا صبري، ممكن تغير لنا الانبوبه؟
بابتسامته المعهودة قام لينجز المهمة. إنه المواطن المصري محمد صبري، التفاحة العطرة في سلة الفاكهه النادرة المسماة مجازاً "دفعة 94 طب عين شمس"

السبت، 3 ديسمبر 2011

نموت نموت ويحيا البكيني

هيثم دسوقي شاب مسلم ملتزم، مخترع مصري لم يهتم هايقلع البنات ولا هايلبسهم، لم يهتم هايمنع الخمره عن الشريب ولا الميني سكيرت عن زوجة الشريب، لم يتحدث عن الأيديولجيات، لكنه اخترع ابتكار سيغير وجه حياتنا ومجري التاريخ، هل ده ممكن؟؟ هل ممكن الملتزمين يبقوا كده؟ هل ممكن نرجع لمجد الدوله الاسلاميه ايام عمر بن عبد العزيز؟ هل ممكن هيثم بن الدسوقي يكون امتداد للحسن بن الهيثم؟ هل ممكن نتوجه نحو الوجهه الصحيحه؟ هل ممكن التجربة دي تمتد للفن والإقتصاد والطب والفلك والفيزياء والتنمية البشريه؟

هل ممكن نفكر شويه في "الإبتكار" بدل "البكيني" وفي "الخبره" بدل "الخمره" وفي "علم الجينات" بدل "طول الجيبات" هل يفكر المنظرون والسياسيون والمحللون والمرشحون في "إنقاذ" مصر بدلاً من "ابتزاز" مصر؟